خسائر فادحة لبلاك روك بقيمة 500 مليون دولار في عملية احتيال مزعومة
تواجه شركة بلاك روك، التي تعد أكبر مدير للأصول في العالم، واحدة من أبرز فضائح الاحتيال في سوق الائتمان الخاص بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. فقد تكبدت الشركة خسائر فادحة تُقدر بنحو نصف مليار دولار نتيجة عملية احتيال معقدة يُزعم أن رجل الأعمال الهندي الأصل، بانكيم براهمبهات، هو من دبرها عبر شركاته العاملة في قطاع الاتصالات.

خلفية القضية وسوق الائتمان الخاص
تأتي هذه الخسائر في وقت يشهد فيه سوق الائتمان الخاص نموًا هائلاً، حيث بلغ حجمه حوالي 1.7 تريليون دولار. في هذا السوق، تقوم صناديق استثمارية كبرى مثل تلك التي تديرها بلاك روك بتقديم قروض مباشرة للشركات، كبديل للقروض المصرفية التقليدية أو أسواق السندات العامة. ورغم أن هذا القطاع يوفر عوائد جذابة للمستثمرين، إلا أنه يفتقر إلى الشفافية والرقابة التنظيمية الصارمة الموجودة في الأسواق العامة، مما يرفع من مخاطر الاحتيال وسوء الإدارة.
تفاصيل عملية الاحتيال المزعومة
بدأت القصة عندما قدمت صناديق تابعة لبلاك روك قروضًا لشركتي BroadBand Telecom وBridgeVoice، وهما شركتان أمريكيتان تابعتان لمجموعة "بانكاي" التي يترأسها براهمبهات. وفقًا للدعاوى القضائية التي رفعتها بلاك روك أواخر عام 2023، يُتهم براهمبهات وشركاته بتنفيذ مخطط احتيالي مدروس للحصول على هذه القروض وتوسيعها على مدار سنوات. تضمن المخطط المزعوم عدة جوانب رئيسية:
- تزوير البيانات المالية: يُزعم أن الشركات قدمت بيانات مالية وتقارير مزورة تضخم من إيراداتها وأصولها بشكل كبير لإظهارها في وضع مالي قوي ومستقر.
- فواتير وهمية: استُخدمت فواتير وعقود مزيفة مع عملاء وهميين لإعطاء انطباع بوجود نشاط تجاري حقيقي ومزدهر، مما ساهم في إقناع المقرضين بجدوى منح الائتمان.
- تحريف الحقائق: تم تقديم صورة مضللة عن حجم عمليات الشركتين وعلاقاتهما التجارية، مما ساهم في بناء ثقة زائفة لدى مديري الصناديق في بلاك روك.
وقد نجحت هذه الإجراءات في الحصول على خط ائتمان تجاوزت قيمته 500 مليون دولار، قبل أن تتعثر الشركتان عن السداد وتنكشف خيوط القضية.
التطورات الأخيرة والإجراءات القانونية
مع تعثر الشركتين عن سداد ديونهما، بدأت بلاك روك في اتخاذ إجراءات قانونية صارمة. وفي تطور لاحق، تقدمت شركتا BroadBand Telecom وBridgeVoice بطلب لإشهار إفلاسهما بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس الأمريكي، في محاولة لإعادة هيكلة ديونهما تحت حماية المحكمة. أدت هذه الخطوة إلى تعقيد جهود بلاك روك لاسترداد أموالها، حيث باتت القضية تخضع لإجراءات قانونية مطولة في محاكم الإفلاس والنزاعات التجارية.
الأهمية والتأثير على القطاع المالي
تكتسب هذه القضية أهمية خاصة لعدة أسباب. أولاً، هي تسلط الضوء على المخاطر الكامنة في سوق الائتمان الخاص سريع النمو، وتثير تساؤلات جدية حول كفاءة عمليات التحقق والتدقيق (Due Diligence) التي تتبعها حتى أكبر المؤسسات المالية في العالم. ثانيًا، تمثل هذه الخسارة ضربة لسمعة بلاك روك في مجال إدارة المخاطر، وقد تدفع المستثمرين والجهات التنظيمية إلى المطالبة بمزيد من الشفافية والضوابط في هذا القطاع. أخيرًا، تعتبر هذه الفضيحة بمثابة جرس إنذار للمستثمرين في جميع أنحاء العالم حول ضرورة توخي الحذر الشديد عند التعامل مع أدوات الدين الخاصة التي قد تفتقر إلى الرقابة الكافية.





