الكشف عن معتقل سري تديره ميليشيات موالية لإيران في ريف حمص
أعلنت السلطات الأمنية السورية الجديدة خلال الأيام القليلة الماضية عن اكتشاف معتقل سري تحت الأرض في إحدى مناطق ريف حمص، وتشير الدلائل الأولية إلى أنه كان يُستخدم بشكل مشترك من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق وميليشيات مدعومة من إيران لاحتجاز وإخفاء المعارضين والمدنيين قسراً.
تفاصيل الاكتشاف والأدلة
تم العثور على المعتقل بناءً على معلومات استخباراتية وتحقيقات أُجريت في أعقاب التغيرات السياسية الأخيرة في البلاد. يقع المركز في منطقة ريفية نائية بمحافظة حمص، التي كانت تُعد لفترة طويلة معقلاً أمنياً وعسكرياً مهماً للنظام السابق وحلفائه. وُصف الموقع بأنه عبارة عن شبكة من الأنفاق والغرف المحفورة تحت الأرض، مصممة لإخفاء الأنشطة التي كانت تجري بداخلها وتجنب الرصد. يتكون المعتقل من زنازين فردية وجماعية ضيقة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، مثل التهوية والإضاءة الطبيعية.
عثر المحققون في الموقع على مجموعة من الأدلة التي تؤكد طبيعة المكان المروعة. وشملت هذه الأدلة:
- ملابس وأغراض شخصية يُعتقد أنها تعود للمعتقلين الذين مروا من هنا.
- كتابات على الجدران تركها السجناء، تحمل أسماء وتواريخ ونداءات استغاثة.
- أدوات يُشتبه في استخدامها لتعذيب السجناء وانتزاع الاعترافات منهم.
- وثائق وسجلات بأسماء أشخاص، يُعتقد أنها قوائم بأسماء المختطفين والمغيبين.
وقد تم توثيق الموقع بشكل كامل، ويجري حالياً تحليل الأدلة التي تم جمعها لتحديد هوية الضحايا والمسؤولين عن إدارة هذا المعتقل.
خلفية عن دور الميليشيات الأجنبية
منذ اندلاع النزاع السوري في عام 2011، لعبت الميليشيات المدعومة من إيران دوراً محورياً في دعم بقاء نظام بشار الأسد. لم يقتصر دور هذه الفصائل، التي تضم مقاتلين من جنسيات متعددة مثل حزب الله اللبناني وأفغان من لواء فاطميون وعراقيين من حركة النجباء، على المشاركة في العمليات القتالية على الجبهات، بل امتد ليشمل إدارة مناطق نفوذ خاصة بها.
أقامت هذه الميليشيات حواجز تفتيش ومعسكرات ومقرات أمنية خاصة بها في العديد من المناطق السورية، بما في ذلك حمص وريفها. ووثقت منظمات حقوقية دولية على مدى سنوات طويلة تورط هذه الجماعات في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها عمليات خطف واعتقال تعسفي وتعذيب وإخفاء قسري بحق المدنيين السوريين، غالباً بدوافع طائفية أو سياسية أو بهدف الحصول على فدية مالية.
الأهمية والتداعيات المحتملة
يكتسب هذا الاكتشاف أهمية بالغة لعدة أسباب. أولاً، يقدم دليلاً مادياً وملموساً على طبيعة القمع المنهجي الذي مارسه النظام السابق بالتعاون مع حلفائه الأجانب، ويسلط الضوء على مصير آلاف المفقودين والمغيبين قسرياً في سوريا. ثانياً، يؤكد على مدى تغلغل النفوذ الأجنبي في بنية الدولة الأمنية السابقة، حيث كانت هذه الميليشيات تعمل ككيانات شبه مستقلة تمارس سلطتها خارج إطار القانون.
من المتوقع أن يفتح هذا الكشف الباب أمام تحقيقات أوسع نطاقاً للبحث عن معتقلات سرية أخرى مماثلة في مختلف أنحاء البلاد. كما أنه يعزز من مطالب عائلات الضحايا والمنظمات الحقوقية بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة جميع المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت خلال سنوات الصراع. وقد دعت جهات حقوقية إلى السماح لفرق تحقيق دولية مستقلة بالوصول إلى الموقع للمساعدة في الحفاظ على الأدلة وتوثيقها وفقاً للمعايير الدولية.




