الكلاسيكو الأول للمدربين في ريال مدريد وبرشلونة: سوابق تاريخية قبل تحدي تشابي ألونسو المحتمل
تُعد مباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة أكثر من مجرد مواجهة كرة قدم؛ إنها معركة تكتيكية ونفسية ذات أبعاد تاريخية، وغالباً ما تشكل نقطة تحول في مسار الموسم لأي فريق. بالنسبة للمدربين الجدد، تُعد أول مباراة كلاسيكو بمثابة اختبار حقيقي لقدراتهم ولشخصيتهم داخل المستطيل الأخضر. في الآونة الأخيرة، ومع تصاعد التكهنات حول مستقبل المدرب الإسباني الشاب تشابي ألونسو، وارتباط اسمه بكبار الأندية الأوروبية بما في ذلك قطبي إسبانيا، يبرز التساؤل حول كيف كانت بدايات المدربين الآخرين في هذا الصراع الأبدي؟

تشكل تجارب المدربين السابقين في هذه المواجهة المرتقبة دروساً قيمة، سواء كانت انتصارات ساحقة تزرع الثقة، أو هزائم قاسية قد تلقي بظلالها على بداية مسيرة المدرب مع فريقه. هذه النظرة التاريخية تستكشف كيف واجه بعض أبرز المدربين أول كلاسيكو لهم، وماذا كشفت تلك المباريات عنهم وعن فرقهم.
أولى مواجهات الكلاسيكو لمدربي ريال مدريد البارزين
شهد تاريخ ريال مدريد العديد من المدربين الذين خاضوا اختبار الكلاسيكو الأول، وكانت النتائج متباينة للغاية:
- زين الدين زيدان: دخل أسطورة ريال مدريد، زين الدين زيدان، أول كلاسيكو له كمدرب في 2 أبريل 2016. فريقه، ريال مدريد، كان متأخراً بفارق كبير عن برشلونة في الدوري، لكنه تمكن من تحقيق فوز ثمين بنتيجة 2-1 في كامب نو. قلب هذا الفوز موازين الثقة ومنح زيدان دفعة معنوية هائلة نحو قيادة الفريق لتحقيق ألقاب دوري أبطال أوروبا متتالية.
- جوزيه مورينيو: على النقيض تماماً، تلقى المدرب البرتغالي المثير للجدل جوزيه مورينيو هزيمة قاسية وغير متوقعة في أول كلاسيكو له، بخمسة أهداف نظيفة في كامب نو بتاريخ 29 نوفمبر 2010. كانت تلك المباراة بمثابة صدمة للفريق والجماهير، وشكلت تحدياً نفسياً كبيراً لمورينيو الذي اضطر لإعادة بناء الثقة تدريجياً.
- كارلو أنشيلوتي: تجربة كارلو أنشيلوتي في الكلاسيكو الأول تختلف بين فترتيه التدريبيتين. في فترته الأولى عام 2013، خسر ريال مدريد 2-1 في كامب نو. لكن في فترته الثانية، وتحديداً في أكتوبر 2021، قاد أنشيلوتي ريال مدريد لفوز بنتيجة 2-1 في كامب نو أيضاً، مما يعكس قدرته على التكيف وقيادة الفريق لتحقيق نتائج إيجابية في المواجهات الكبيرة.
بدايات المدربين في الكلاسيكو لبرشلونة
لم تكن تجارب مدربي برشلونة أقل إثارة في أولى مواجهات الكلاسيكو:
- بيب غوارديولا: بدأ المدرب الفذ بيب غوارديولا مسيرته في الكلاسيكو بفوز مقنع 2-0 على ريال مدريد في كامب نو بتاريخ 13 ديسمبر 2008. لم تكن هذه النتيجة مجرد فوز، بل كانت إشارة واضحة على بداية حقبة ذهبية لبرشلونة تحت قيادة غوارديولا، الذي سرعان ما رسخ أسلوبه الكروي الفريد.
- فرانك ريكارد: كانت بداية المدرب الهولندي فرانك ريكارد في الكلاسيكو أقل إشراقاً، حيث خسر فريقه 2-1 في كامب نو أمام ريال مدريد في أكتوبر 2003. على الرغم من ذلك، تمكن ريكارد لاحقاً من بناء فريق قوي قاد برشلونة لتحقيق ألقاب كبرى، مما يثبت أن البداية ليست دائماً مؤشراً نهائياً.
- تشافي هيرنانديز: واجه تشافي هيرنانديز، أسطورة برشلونة والمدرب الحالي، أول كلاسيكو له في يناير 2022 ضمن كأس السوبر الإسباني، وخسر بنتيجة 3-2. لكنه سرعان ما رد الدين بفوز تاريخي 4-0 في الدوري الإسباني على ملعب سانتياغو برنابيو بعد شهرين فقط، في مارس 2022. هذا التباين يوضح أن الكلاسيكو الأول يمكن أن يكون مؤشراً، لكن التطور اللاحق للمدرب والفريق هو الأهم.
الأهمية والخلاصة
تُظهر هذه الأمثلة التاريخية أن الكلاسيكو الأول للمدرب ليس مجرد مباراة عادية، بل هو لحظة حاسمة يمكن أن تطلق العنان لرحلة ناجحة أو تضع حواجز نفسية وتكتيكية تحتاج إلى تجاوز. الضغوط تكون هائلة، والتكتيكات تلعب دوراً محورياً، لكن الأهم هو كيفية استجابة المدرب وفريقه لهذه اللحظة الفارقة.
بالنسبة لمدرب طموح مثل تشابي ألونسو، الذي يُنتظر منه أن يشق طريقه نحو تدريب أحد الأندية الكبرى مستقبلاً، فإن استيعاب هذه السوابق التاريخية يمثل إعداداً قيماً. فبغض النظر عن النتيجة، فإن تجربته الأولى في الكلاسيكو ستكون حتماً محفورة في تاريخ مسيرته، وستكون بمثابة مقياس مبكر لقدرته على قيادة فريق بحجم ريال مدريد أو برشلونة في أعتى المعارك الكروية.





