المتحف المصري الكبير يتبنى فلسفة "الزائر أولاً" لتقديم تجربة عالمية
في إطار الاستعدادات النهائية للافتتاح الكامل المرتقب، أعلنت إدارة المتحف المصري الكبير عن تبنيها استراتيجية تشغيلية جديدة تضع الزائر في مقدمة أولوياتها، تحت شعار يتبنى مبدأ "الزبون دائمًا على حق". وصرح اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير والمناطق المحيطة به، أن هذه الفلسفة تهدف إلى تحويل المتحف من مجرد صرح أثري إلى وجهة ثقافية وسياحية متكاملة تقدم تجربة استثنائية للزوار من جميع أنحاء العالم، بما يتماشى مع أرقى المعايير الدولية.

رؤية جديدة ترتكز على جودة الخدمة
تُعد هذه الاستراتيجية تحولًا جوهريًا في مفهوم إدارة المؤسسات الثقافية في المنطقة، حيث يتم التركيز بشكل مكثف على رضا الزوار كعامل أساسي لنجاح المتحف واستدامته. وأوضح المسؤولون أن تطبيق شعار "الزائر أولاً" لا يقتصر على التعامل المباشر مع الجمهور، بل يمتد ليشمل كافة جوانب التجربة المتحفية، بدءًا من سهولة حجز التذاكر عبر الإنترنت، مرورًا بالاستقبال والإرشاد، وانتهاءً بجودة الخدمات والمرافق المتاحة داخل المجمع الضخم.
تهدف هذه الرؤية إلى ضمان أن يحظى كل زائر برحلة سلسة وممتعة وغنية بالمعلومات، مما يشجعه على قضاء وقت أطول في المتحف وتكرار الزيارة في المستقبل. وتعتبر الإدارة أن الانطباع الإيجابي الذي سيتركه المتحف لدى زواره هو أفضل وسيلة للترويج لهذا الصرح العالمي، خصوصًا في عصر تتزايد فيه أهمية التقييمات والتوصيات الرقمية في قطاع السياحة.
استعدادات شاملة لترجمة الشعار إلى واقع
لتحقيق هذا الهدف الطموح، يتم تنفيذ مجموعة من الإجراءات والتدابير العملية على أرض الواقع. وقد شملت هذه الاستعدادات، التي جرت على مدار الأشهر الماضية، عدة محاور رئيسية لضمان تقديم خدمة لا تشوبها شائبة:
- تطوير الكوادر البشرية: تم إخضاع جميع العاملين في المتحف، من المرشدين السياحيين وأفراد الأمن إلى موظفي الخدمات والمبيعات، لبرامج تدريبية مكثفة. تركز هذه البرامج على فنون الضيافة، ومهارات التواصل الفعال، وكيفية التعامل مع مختلف الثقافات، بالإضافة إلى حل المشكلات لضمان الاستجابة السريعة لأي استفسارات أو شكاوى من الزوار.
- تكامل الخدمات والمرافق: صُمم المتحف ليقدم تجربة شاملة تتجاوز مشاهدة القطع الأثرية. يضم المجمع منطقة تجارية وترفيهية واسعة تشمل مطاعم راقية، ومقاهي، ومتاجر متنوعة، بالإضافة إلى قاعات سينما ومركز للمؤتمرات. تم تصميم هذه الخدمات لتلبية كافة احتياجات الزوار وتوفير سبل الراحة والرفاهية لهم.
- توظيف التكنولوجيا الحديثة: يلعب الجانب التكنولوجي دورًا محوريًا في تعزيز تجربة الزائر. يشمل ذلك نظامًا رقميًا متطورًا لحجز التذاكر، وتطبيقات هاتفية تفاعلية لتوفير معلومات إضافية عن المعروضات وتسهيل التنقل داخل قاعات المتحف الشاسعة، فضلًا عن استخدام أحدث تقنيات العرض المتحفي لجعل الزيارة أكثر جاذبية.
- ضمان سهولة الوصول للجميع: تم إيلاء اهتمام خاص لجعل المتحف مكانًا متاحًا ومرحبًا به للجميع، بما في ذلك كبار السن وأصحاب الهمم، من خلال توفير مسارات ممهدة، ومصاعد، ودورات مياه مجهزة، وغيرها من التسهيلات التي تضمن لهم تجربة مريحة وآمنة.
الأهمية الاستراتيجية والسياق العام
يُعتبر المتحف المصري الكبير أحد أضخم المشاريع القومية في مصر وأهم الافتتاحات الثقافية على مستوى العالم في القرن الحادي والعشرين. وبموقعه الفريد بجوار أهرامات الجيزة، يستعد المتحف لعرض أكثر من مئة ألف قطعة أثرية، من بينها المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون لأول مرة في مكان واحد. ومن المتوقع أن يؤدي افتتاحه الكامل إلى إحداث طفرة هائلة في قطاع السياحة المصري، الذي يعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
في هذا السياق، يأتي التأكيد على جودة الخدمة وفلسفة "الزائر أولاً" كعنصر حاسم لضمان تحقيق المشروع لأهدافه الاستراتيجية. فالمنافسة بين الوجهات السياحية العالمية لم تعد تقتصر على امتلاك كنوز فريدة، بل امتدت لتشمل مستوى التجربة المقدمة للزائر. ومن خلال هذه الرؤية، يسعى المتحف المصري الكبير إلى ترسيخ مكانته ليس فقط كأكبر متحف للآثار في العالم، بل كنموذج رائد في التميز الخدمي والضيافة الثقافية.




