المصارع كيشو يكشف سوء المعاملة في مصر ويؤكد قراره بتمثيل الولايات المتحدة
شهدت الأوساط الرياضية المصرية، وتحديدًا عالم المصارعة، تطورًا لافتًا في أكتوبر 2023 مع إعلان المصارع المصري-الأمريكي عبد العزيز جابر، المعروف بـ كيشو، عن قراره النهائي بتمثيل الولايات المتحدة الأمريكية بدلًا من مصر. جاء هذا القرار بعد سلسلة من التصريحات التي أدلى بها اللاعب لوسائل إعلام مختلفة، أبرزها موقع «يلا كورة»، كاشفًا فيها عن تعرضه لما وصفه بـ «سوء معاملة» وإهمال من قبل المسؤولين عن المصارعة في مصر، مما دفعه لاتخاذ خطوة لا رجعة فيها على حد تعبيره.

تُعد قضية كيشو نموذجًا لتحديات عدة تواجه الرياضيين مزدوجي الجنسية، خاصة أولئك الذين يحملون آمال دولتين، وتطرح تساؤلات جدية حول دعم المواهب الرياضية ورعايتها في الأوطان الأم.
خلفية المصارع عبد العزيز جابر "كيشو"
يُعد عبد العزيز جابر، البالغ من العمر 23 عامًا، أحد أبرز المواهب الشابة في رياضة المصارعة الحرة. وُلد وترعرع في الولايات المتحدة الأمريكية لأبوين مصريين، مما منحه الجنسيتين. لطالما أظهر كيشو ارتباطًا عميقًا بوطنه الأم، مصر، حيث مثلها في العديد من المحافل الدولية للناشئين والشباب، وحقق إنجازات بارزة. من أبرز هذه الإنجازات حصوله على ميداليات في بطولات إفريقيا للمصارعة ودورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، مما جعله ضمن قائمة المصارعين الواعدين القادرين على تحقيق ميداليات أولمبية لمصر في المستقبل.
كان كيشو قد أعرب في أوقات سابقة عن رغبته الشديدة في تمثيل مصر على الساحة الأولمبية، وأمضى فترات طويلة في التدريب مع المنتخب المصري، متحملًا أعباء السفر والانتقال بين القارتين سعيًا لتحقيق هذا الحلم.
ادعاءات سوء المعاملة والإهمال
خلال تصريحاته، سرد كيشو تفاصيل ما اعتبره إهمالًا وسوء معاملة ممنهجًا من جانب الاتحاد المصري للمصارعة. تضمنت ادعاءاته نقاطًا رئيسية يمكن تلخيصها فيما يلي:
- التمييز في الدعم المالي: أشار كيشو إلى أنه لم يتلق الدعم المالي الكافي أو الرواتب التي كان يحصل عليها زملاؤه المصارعون في المنتخب المصري، رغم كونه لاعبًا دوليًا ومحققًا للميداليات.
 - التهميش في المعسكرات والبطولات: ادعى اللاعب أنه تم استبعاده من بعض المعسكرات التدريبية الهامة والبطولات الدولية المؤهلة، دون أسباب واضحة أو مبررات منطقية، مما أثر على فرصه في المنافسة والتطور.
 - عدم الوفاء بالوعود: تحدث عن وعود متكررة من مسؤولي الاتحاد بشأن توفير الدعم والفرص، لكن هذه الوعود لم تتحقق على أرض الواقع، مما فاقم شعوره بالإحباط.
 - عدم التقدير: عبر كيشو عن شعوره بعدم التقدير لمجهوداته وإنجازاته السابقة التي حققها باسم مصر، وأن تواصل الاتحاد معه كان متقطعًا وغير فعال.
 - التهديد بحرمانه من المشاركة: وصل الأمر إلى تهديده بالحرمان من المشاركة في تصفيات أولمبياد باريس 2024 إذا لم يتنازل عن بعض حقوقه أو مطالبه.
 
هذه الادعاءات شكلت في مجملها صورة لبيئة غير داعمة للمواهب، خاصة تلك التي لديها ظروف خاصة ككونها مقيمة بالخارج أو مزدوجة الجنسية.
القرار الحاسم وتأكيده
بلغ الإحباط ذروته لدى كيشو، ليدفعه إلى اتخاذ قرار نهائي وحاسم بتمثيل الولايات المتحدة الأمريكية. أكد اللاعب في تصريحاته الصحفية أنه لن يتراجع عن هذا القرار، مشددًا على أنه لم يُمنح أي خيارات أخرى في ظل الظروف التي مر بها. كان هذا الإعلان بمثابة ضربة قوية للأوساط الرياضية المصرية، التي كانت تعول على كيشو لتحقيق إنجازات مستقبلية في رياضة المصارعة.
شدد كيشو على أنه اتخذ هذا القرار بعد تفكير عميق وبعد استنفاد جميع السبل الممكنة للتفاهم مع المسؤولين المصريين، مؤكدًا أن مستقبله الرياضي وحقوقه كلاعب أصبحت الأولوية القصوى بالنسبة له.
ردود الأفعال والتداعيات
أثار قرار كيشو وما صاحبه من اتهامات ردود فعل متباينة في مصر. فمن جهة، أعرب العديد من المتابعين والخبراء الرياضيين عن أسفهم الشديد لخسارة موهبة بحجم كيشو، محذرين من تكرار مثل هذه الحالات التي تدفع الرياضيين البارزين للبحث عن فرص أفضل في الخارج. كما تساءل البعض عن مدى صحة اتهامات اللاعب وضرورة فتح تحقيق شفاف في هذه المزاعم لضمان عدم تضرر المواهب الأخرى.
من جهة أخرى، التزم الاتحاد المصري للمصارعة الصمت في البداية، قبل أن يصدر تصريحات عامة تنفي أي تقصير وتؤكد على دعمها لجميع اللاعبين، لكنها لم تتناول بشكل مباشر تفاصيل ادعاءات كيشو. لم تتضح بعد التداعيات الكاملة لهذه القضية على مستقبل الرياضة المصرية، لكنها بلا شك تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحسين آليات دعم ورعاية المواهب الرياضية، وتوفير بيئة عادلة وداعمة لجميع اللاعبين، بغض النظر عن ظروفهم أو جنسياتهم المزدوجة.
يُتوقع أن يبدأ كيشو رحلته الجديدة ممثلًا الولايات المتحدة في البطولات الدولية القادمة، سعيًا لتحقيق طموحاته الأولمبية تحت راية علم جديد، تاركًا وراءه نقاشًا مجتمعيًا ورياضيًا حول مسؤولية الاتحادات الرياضية تجاه رياضييها.





