المغرب تُعيد كأس العالم للشباب للقارة السمراء بعد غياب 16 عاماً، منذ إنجاز 2009
تشهد كرة القدم الأفريقية في الآونة الأخيرة دفعة قوية وغير مسبوقة، تُعلي من شأنها على الساحة العالمية. وفي خضم هذا الزخم، يبرز اسم المغرب كقاطرة لهذه النهضة، خاصة فيما يتعلق بالمساعي لإعادة أمجاد القارة في المحافل الكروية الدولية الكبرى. ويأتي الحديث عن «إعادة كأس العالم للشباب للقارة السمراء بعد غياب دام 16 عاماً، منذ إنجاز 2009» ليُسلّط الضوء على الأهمية التاريخية لمشاركة أفريقيا وتفوقها في هذه البطولة، وتطلعاتها الحالية.

لا يُقصد بمصطلح «تُعيد» في هذا السياق انتصاراً مباشراً باللقب أو استضافة للبطولة بالضرورة، وإنما يشير إلى الجهود المغربية الكبيرة والفعالة التي تضع كرة القدم الأفريقية، وخاصة فئة الشباب، مجدداً في صلب الاهتمام العالمي، وتُعزز من فرص القارة في العودة لمنصات التتويج بعد طول انتظار. إنها إشارة إلى إعادة الاعتبار والبريق للقارة في مسابقة طالما كانت رافداً للمواهب الكبرى.
الخلفية التاريخية: غانا وإنجاز 2009
يُعد عام 2009 علامة فارقة في تاريخ كأس العالم للشباب (تحت 20 عاماً) بالنسبة للقارة الأفريقية. ففي تلك النسخة التي استضافتها مصر، حقق منتخب غانا للشباب، المعروف بـ«النجوم السوداء»، إنجازاً تاريخياً كبيراً بتتويجه باللقب للمرة الأولى والوحيدة حتى الآن لأي منتخب أفريقي. قاد المدرب سيلاس تيتيه فريقاً يضم نجوماً صاعدين أصبحوا فيما بعد أسماء لامعة في كرة القدم العالمية، مثل أندريه أيو ودومينيك أديياه.
- واجه المنتخب الغاني نظيره البرازيلي في المباراة النهائية التي أقيمت في القاهرة، وانتهت بالتعادل السلبي بعد وقت إضافي مثير.
 - حُسم اللقب بركلات الترجيح التي ابتسمت لغانا بنتيجة 4-3، لتُسجّل اسمها بأحرف من نور كأول بطل أفريقي للمسابقة.
 - توج دومينيك أديياه بجائزتي الكرة الذهبية (أفضل لاعب) والحذاء الذهبي (هداف البطولة) في تلك النسخة، مؤكداً على جودة المواهب الأفريقية.
 
كان هذا الانتصار بمثابة شهادة على الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الكرة الأفريقية في فئة الشباب، وألهم جيلاً كاملاً من اللاعبين والمشجعين في جميع أنحاء القارة.
مسيرة أفريقيا في البطولة وتحدياتها
على مر تاريخ كأس العالم للشباب، أظهرت المنتخبات الأفريقية قدرة تنافسية عالية ونجحت في الوصول إلى مراحل متقدمة. فإلى جانب إنجاز غانا، وصل منتخب نيجيريا للشباب إلى المباراة النهائية في مناسبتين سابقتين (1989 و2001)، كما حقق منتخب مالي المركز الثالث في نسخة 2015. ورغم هذه اللمحات المضيئة، ظلت الفجوة قائمة منذ تتويج غانا، مع صعوبة تكرار هذا الإنجاز أو الحفاظ على حضور أفريقي منتظم في الأدوار النهائية. تعكس هذه التحديات الحاجة المستمرة إلى تطوير البنية التحتية، والاستثمار في الأكاديميات الكروية، وتوفير الدعم اللازم للمواهب الشابة لضمان استمرارية النجاح.
الجهود المغربية الحالية ومستقبل الكرة الأفريقية
في السنوات الأخيرة، برز المغرب كقوة كروية صاعدة على الصعيدين القاري والدولي. فلم يقتصر الأمر على الإنجاز التاريخي للمنتخب الأول بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 في قطر، بل امتد ليشمل استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرياضية، وتطوير أكاديميات كرة القدم (مثل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم)، وبرامج صقل المواهب الشابة. هذه الجهود هي ما يُنظر إليها على أنها تُعيد ملف الكرة الأفريقية، بما في ذلك فئة الشباب، إلى الواجهة العالمية.
- قدم المغرب ملف ترشحه لاستضافة كأس العالم للشباب 2025، مما يعكس طموحه في جلب مثل هذه الأحداث الكبرى إلى القارة. ورغم أن الاستضافة مُنحت لشيلي في نهاية المطاف، إلا أن هذا الترشح كان إشارة واضحة لرغبة المغرب في قيادة جهود القارة.
 - يُعد فوز المغرب بملف الاستضافة المشتركة لـكأس العالم 2030 للرجال، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، دليلاً قاطعاً على قدرة المملكة على تنظيم أكبر الفعاليات الكروية العالمية، ويُعزز مكانة أفريقيا كشريك رئيسي في المشهد الكروي الدولي.
 - تُترجم هذه المبادرات المغربية إلى رغبة حقيقية في استعادة أمجاد الكرة الأفريقية، ليس فقط في فئة الكبار، بل في الفئات السنية أيضاً، لضمان استدامة المواهب والنجاح.
 
الأهمية والتأثير
إن إبراز دور المغرب في دفع عجلة كرة القدم الأفريقية نحو العالمية، خاصة في سياق كأس العالم للشباب، يحمل أهمية كبرى. فهو لا يُعزز من مكانة المغرب كلاعب رئيسي فحسب، بل يُلهم باقي الدول الأفريقية للاستثمار في كرة القدم، وتطوير برامج الشباب، والسعي للمنافسة على أعلى المستويات. إن عودة اسم أفريقيا بقوة في نقاشات كأس العالم للشباب بعد 16 عاماً من آخر تتويج، هو مؤشر على أن القارة السمراء تستعد لاستعادة بريقها، وربما لتجاوز إنجازات الماضي، بفضل جهود رائدة تقودها دول مثل المغرب.





