مجلس الأمن يجدد دعمه للمقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء
في خطوة دبلوماسية هامة، جدد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة دعمه للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي واقعي ومستدام لنزاع الصحراء الغربية. جاء ذلك خلال جلسة تصويت عُقدت في 01 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حيث تبنى المجلس قرارًا جديدًا يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام آخر، مع التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي قائم على التوافق.

خلفية القرار وسياق النزاع
يأتي هذا القرار في سياق نزاع إقليمي يمتد لعقود حول وضع الصحراء الغربية. وكان المغرب قد قدم في عام 2007 مقترحًا لمنح الإقليم حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادته، وهي المبادرة التي وصفتها قرارات مجلس الأمن المتعاقبة بأنها "جادة وذات مصداقية". من ناحية أخرى، تطالب جبهة البوليساريو، مدعومة من الجزائر، بإجراء استفتاء لتقرير المصير يمنح السكان خيار الاستقلال. وتعمل بعثة "مينورسو" في المنطقة منذ عام 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار وتمهيد الطريق لحل سياسي.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولات دبلوماسية ملحوظة، بما في ذلك اعتراف دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، بسيادة المغرب على الإقليم، وافتتاح العديد من الدول قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، مما عزز الموقف المغربي على الساحة الدولية. وقد انعكست هذه التطورات في لغة القرارات الأممية التي باتت تركز بشكل أكبر على الحلول الواقعية والعملية.
أبرز نقاط القرار الجديد
ركز القرار الجديد، الذي يُعتقد أنه حظي بدعم أغلبية أعضاء المجلس، على عدة نقاط أساسية تهدف إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام. ومن أبرز ما تضمنه القرار:
- تمديد ولاية بعثة (مينورسو) حتى نهاية أكتوبر 2026، مع التأكيد على دورها الحيوي في مراقبة وقف إطلاق النار والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
 - دعوة جميع الأطراف، بما في ذلك المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، إلى استئناف المفاوضات بحسن نية ودون شروط مسبقة تحت رعاية المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.
 - التأكيد مجددًا على أن الحل السياسي الواقعي والعملي والدائم القائم على التوافق هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع، مع الإشارة مرة أخرى إلى جدية ومصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
 - حث الأطراف على إظهار الإرادة السياسية والعمل في جو من الواقعية والتوافق لضمان تقدم المفاوضات.
 
ردود الفعل الدولية والمحلية
عقب صدور القرار، رحبت الرباط بالقرار واعتبرته تأكيدًا جديدًا من المجتمع الدولي على صواب المقاربة المغربية. وأكدت الدبلوماسية المغربية أن القرار يكرس المكتسبات التي حققتها المملكة ويعزز ديناميكية الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد للحل.
في المقابل، من المتوقع أن تعبر جبهة البوليساريو عن رفضها للقرار، معتبرة أنه يتجاهل "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير". كما يُنتظر أن تجدد الجزائر، الداعم الرئيسي للجبهة، موقفها الثابت الداعي إلى ضرورة تنظيم استفتاء حر ونزيه. وقد شهدت جلسة التصويت امتناع دولتين عن التصويت، مما يعكس استمرار وجود وجهات نظر متباينة داخل المجلس حول كيفية إدارة هذا الملف المعقد.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يكتسب هذا القرار أهميته من كونه يعزز المسار الدبلوماسي الذي يقوده المغرب، ويضع ضغوطًا متزايدة على الأطراف الأخرى للانخراط في عملية سياسية مبنية على الواقعية. ويرى مراقبون أن تكرار الإشارة إلى مبادرة الحكم الذاتي كقاعدة للمفاوضات يمثل تحولًا تدريجيًا في نهج الأمم المتحدة، بعيدًا عن فكرة الاستفتاء التي ثبتت صعوبة تطبيقها على مدى العقود الماضية.
على المدى القصير، من المرجح أن يؤدي القرار إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية من قبل المبعوث الأممي لمحاولة جمع الأطراف مجددًا حول طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تجاوز انعدام الثقة العميق بين الأطراف الرئيسية وتحقيق اختراق حقيقي يمكن أن ينهي أحد أطول النزاعات في إفريقيا.





