قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية: دعم للحكم الذاتي وتمديد لبعثة المينورسو
جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في قراره الأخير رقم 2703 الصادر في 30 أكتوبر 2023، تأكيده على المسار السياسي لحل نزاع الصحراء الغربية، مع تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام آخر. ويعكس القرار، الذي تم تبنيه بأغلبية 13 صوتاً وامتناع عضوين عن التصويت (روسيا وموزمبيق)، توجهاً دولياً متزايداً نحو اعتبار مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب أساساً جدياً وذا مصداقية للمفاوضات، مما يمثل استمرارية في النهج الذي تبناه المجلس خلال السنوات الأخيرة.

تفاصيل القرار الأخير
يؤكد القرار 2703 على ضرورة التوصل إلى حل سياسي "واقعي وعملي ودائم ومقبول من الطرفين" يقوم على أساس التوافق. وفي حين لم يتخلَّ القرار عن الإشارة إلى تقرير المصير، إلا أن لغته تركز بشكل كبير على دعم العملية السياسية التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، وتشجيع الأطراف المعنية (المغرب، وجبهة البوليساريو، والجزائر، وموريتانيا) على استئناف الحوار في إطار الموائد المستديرة.
أهم ما يميز القرار هو الإشارة الصريحة إلى المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ووصفها بأنها "جادة وذات مصداقية"، وهي صيغة دأب المجلس على استخدامها في قراراته السابقة. هذا التركيز يفسره الكثير من المراقبين على أنه تحول تدريجي في أولويات المجتمع الدولي من خيار الاستفتاء، الذي وصل إلى طريق مسدود منذ سنوات، إلى حل تفاوضي يرتكز على منح الإقليم صلاحيات واسعة في إطار السيادة المغربية.
خلفية تاريخية للنزاع
يعود نزاع الصحراء الغربية إلى عام 1975 بعد انسحاب إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة. ومنذ ذلك الحين، تطالب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، باستقلال الإقليم، بينما يعتبره المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه. وفي عام 1991، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، وتأسست بعثة المينورسو للإشراف عليه وتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو ما لم يتم إجراؤه قط بسبب خلافات عميقة حول من يحق له التصويت.
أمام هذا الجمود، طرح المغرب في عام 2007 مبادرة الحكم الذاتي كحل بديل. تقترح المبادرة إنشاء هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية خاصة بسكان الصحراء، مع احتفاظ الدولة المغربية بالسيادة الكاملة ومسؤوليتها عن مجالات الدفاع والشؤون الخارجية والعملة.
ردود الفعل والمواقف الدولية
تباينت ردود الفعل الدولية والإقليمية بشكل كبير عقب صدور القرار الأخير، مما يعكس الانقسام القائم حول الملف:
- المغرب: رحب بالقرار واعتبره انتصاراً دبلوماسياً يؤكد على "تفوق" مبادرته للحكم الذاتي كحل وحيد قابل للتطبيق، مشيداً بالدعم الدولي المتزايد لهذا المقترح.
 - جبهة البوليساريو: رفضت القرار بشدة، معتبرة أنه يتجاهل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، وينحاز إلى الموقف المغربي، مما يقوض من حيادية الأمم المتحدة.
 - الجزائر: أعربت عن أسفها لمضمون القرار، مؤكدة أنه يبتعد عن المسار الأصلي لتصفية الاستعمار وفشل في ممارسة ضغط حقيقي لدفع العملية السياسية نحو استفتاء تقرير المصير.
 - القوى الدولية: تواصل دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة وفرنسا دعمها الصريح للمقترح المغربي كأساس واقعي للمفاوضات، بينما تدعو دول أخرى، مثل روسيا، إلى حل متوازن يحظى بقبول الطرفين المباشرين للنزاع.
 
التداعيات والمستقبل المنظور
يمثل تبني مجلس الأمن لهذه المقاربة تكريساً للأمر الواقع على الأرض مع الحفاظ على إطار أممي لمنع تجدد الصراع العسكري. فمن خلال تمديد ولاية المينورسو، يضمن المجتمع الدولي استمرار مراقبة وقف إطلاق النار، لكنه في الوقت نفسه يعكس عجزاً عن فرض حل نهائي.
يبدو أن المستقبل المنظور للملف سيبقى مرتبطاً بمدى نجاح المبعوث الأممي في إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة بين الأطراف. ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة في ظل تمسك كل طرف بشروطه المسبقة. إن تركيز مجلس الأمن المستمر على الحكم الذاتي يعني أن أي مفاوضات مستقبلية ستنطلق على الأرجح من هذه الأرضية، مما يضع خيار الاستقلال الكامل الذي تطالب به البوليساريو في موقع أكثر صعوبة على الساحة الدبلوماسية الدولية.





