المغرب يتوقع نموًا اقتصاديًا بنسبة 4.6% وتضخمًا عند 2% بحلول 2026
أفادت وزارة المالية المغربية في وقت سابق من هذا الشهر، عبر تصريحات أدلت بها وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، بأن توقعات الحكومة تشير إلى تحقيق نمو اقتصادي لافت بنسبة 4.6 بالمئة بحلول عام 2026. وتأتي هذه التوقعات مصحوبة بتوقعات أخرى لمعدل التضخم، حيث من المتوقع أن يستقر عند حوالي 2 بالمئة في العام ذاته، مما يعكس الثقة في مسار الاقتصاد الوطني واستقراره المستقبلي.

الخلفية الاقتصادية ومحركات النمو
يعتمد الاقتصاد المغربي بشكل كبير على قطاعات رئيسية تشمل الزراعة والسياحة والصناعة والتصدير، خاصةً الفوسفات ومشتقاته. وقد شهدت المملكة خلال السنوات الماضية تحديات متنوعة، أبرزها التقلبات المناخية التي تؤثر على القطاع الزراعي الحيوي، بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية العالمية مثل تداعيات جائحة كوفيد-19 والتوترات الجيوسياسية التي أثرت على سلاسل الإمداد وأسعار الطاقة. ورغم هذه التحديات، أظهر الاقتصاد المغربي مرونة ملحوظة، مدفوعًا بالإصلاحات الهيكلية المتواصلة والاستثمارات الحكومية الموجهة نحو تعزيز البنية التحتية وتحسين مناخ الأعمال.
تسعى الحكومة المغربية، من خلال نموذجها التنموي الجديد، إلى تحقيق تحول اقتصادي يركز على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز تنافسية القطاعات الإنتاجية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوفير فرص عمل مستدامة. وتعتبر التوقعات الإيجابية للنمو في عام 2026 مؤشرًا على الثمار المنتظرة لهذه الاستراتيجيات طويلة الأمد.
تفاصيل التوقعات والتضخم
يشير توقع نمو بنسبة 4.6 بالمئة إلى انتعاش قوي للاقتصاد، متجاوزًا معدلات النمو التي شهدتها البلاد في بعض السنوات الأخيرة التي تأثرت بعوامل خارجية وداخلية. هذا النمو المتوقع يعد حافزًا للقطاعات المختلفة ويشير إلى قدرة الاقتصاد على توليد القيمة المضافة وفرص العمل. أما بالنسبة لمعدل التضخم المستهدف عند 2 بالمئة، فهو يعكس التزام الحكومة والبنك المركزي بالحفاظ على استقرار الأسعار، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين ولتعزيز الثقة في الاقتصاد.
يُعد التحكم في التضخم ضمن هذا النطاق المستهدف دليلًا على فعالية السياسات النقدية والمالية التي تهدف إلى الموازنة بين تحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار، وهو تحدٍ تواجهه العديد من الاقتصادات العالمية في الوقت الراهن.
العوامل المؤثرة في تحقيق التوقعات
يعتمد تحقيق هذه التوقعات الطموحة على عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
- القطاع الزراعي: يلعب الموسم الفلاحي دورًا حاسمًا في النمو الاقتصادي بالمغرب. سنوات الأمطار الجيدة غالبًا ما تقود إلى نمو أعلى، والعكس صحيح. وتستثمر الحكومة في مشاريع الري وتطوير الزراعة المرنة لمواجهة التغيرات المناخية.
- الاستثمار العام والخاص: تواصل الدولة ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي عبر تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات.
- السياسات المالية والنقدية: من المتوقع أن تستمر الحكومة في سياساتها المالية الحصيفة، في حين يواصل بنك المغرب جهوده لضمان استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي.
- الظروف الاقتصادية العالمية: تلعب حالة الاقتصاد العالمي وأسعار السلع الأساسية، وخاصة الطاقة، دورًا مهمًا في أداء الاقتصاد المغربي كونه اقتصادًا منفتحًا.
- إصلاحات هيكلية: تعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتفعيل إصلاحات القطاع العام وتحسين الخدمات الأساسية، كل ذلك يساهم في بناء اقتصاد أكثر شمولية واستدامة.
الأهمية والتداعيات
لهذه التوقعات الإيجابية أهمية بالغة على عدة مستويات. بالنسبة للمواطنين، يمكن أن يعني النمو الاقتصادي المتوقع خلق المزيد من فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة، خاصة مع التحكم في التضخم. وبالنسبة لقطاع الأعمال، توفر هذه التوقعات بيئة مستقرة وجذابة للاستثمار والتوسع، مما يشجع الشركات المحلية والأجنبية على ضخ المزيد من رؤوس الأموال.
كما تعزز هذه التوقعات الثقة في الاقتصاد المغربي على الساحة الدولية، مما يجعله وجهة مفضلة للمستثمرين والشركاء التجاريين. ويؤكد هذا المسار الاقتصادي المتوقع التزام المملكة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد قوي وقادر على الصمود أمام الصدمات المستقبلية، وتحقيق الرفاهية لمواطنيها.





