النفط يرتفع بقوة والذهب يهبط في ختام التعاملات الأمريكية
شهدت أسواق السلع العالمية تبايناً واضحاً في الأداء مع نهاية جلسة التداول الأمريكية اليوم، حيث سجلت أسعار النفط قفزة كبيرة، بينما واصل الذهب مساره الهبوطي. تعكس هذه التحركات المتضاربة حالة من التجاذب بين المخاوف الجيوسياسية التي تؤثر على إمدادات الطاقة، وبين قوة الدولار الأمريكي وتوقعات السياسة النقدية التي تضغط على أسعار المعادن الثمينة.
صعود أسعار النفط مدفوعاً بالمخاطر الجيوسياسية
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة تجاوزت 4% في ختام التعاملات، في استجابة مباشرة لتصاعد التوترات الجيوسياسية. جاء المحفز الرئيسي من إعلان واشنطن عن حزمة عقوبات جديدة تستهدف قطاع الطاقة لإحدى الدول المصدرة للنفط، مما أثار قلقاً في الأسواق بشأن احتمال حدوث نقص في الإمدادات العالمية. يؤدي تشديد العقوبات على المنتجين الرئيسيين إلى تقليص المعروض المتاح في السوق، وهو ما يدفع الأسعار إلى الأعلى بشكل فوري.
إلى جانب عامل العقوبات، دعمت بيانات المخزونات الأمريكية هذا الاتجاه الصعودي. فقد أظهر التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية سحباً من مخزونات النفط الخام أكبر مما توقعه المحللون، الأمر الذي يشير إلى استمرار قوة الطلب على الوقود في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم. وقد عزز هذا المزيج من تقلص العرض المتوقع وقوة الطلب الفعلي من مكاسب النفط خلال الجلسة.
تراجع الذهب تحت ضغط قوة الدولار
في المقابل، شهد الذهب تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض سعر الأونصة إلى أدنى مستوياته في عدة أسابيع. يُعزى هذا الهبوط بشكل أساسي إلى عاملين مترابطين: ارتفاع الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة الأمريكية. فقد واصل مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة العملة الخضراء مقابل سلة من العملات الرئيسية، صعوده، مما يجعل الذهب المسعّر بالدولار أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
كما أن التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) سيحافظ على سياسته النقدية المتشددة لكبح التضخم قد أثرت سلباً على جاذبية الذهب. فرفع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر، الذي لا يقدم عائداً، مقارنة بالسندات التي أصبحت تقدم عوائد أعلى وأكثر إغراءً للمستثمرين. ومع غياب المخاطر الكبيرة التي تدفع المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة، فقد الذهب جزءاً من بريقه كأداة تحوط.
نظرة مستقبلية على الأسواق
تعكس هذه الديناميكيات المتناقضة بين النفط والذهب حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي. فبينما تدفع الأحداث الجيوسياسية أسعار الطاقة للارتفاع، مما قد يغذي الضغوط التضخمية، تعمل سياسات البنوك المركزية على كبح هذا التضخم عبر رفع الفائدة، وهو ما يؤثر سلباً على الأصول التي لا تدر عائداً مثل الذهب. سيواصل المستثمرون مراقبة التطورات السياسية عن كثب، إلى جانب البيانات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة، لتحديد الاتجاهات المستقبلية في أسواق السلع الرئيسية.





