باكستان تلوّح بعمل عسكري ضد طالبان عقب انهيار مفاوضات السلام
في تصعيد لافت للتوتر بين إسلام آباد وكابول، أطلق وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، يوم الأربعاء، تهديدات شديدة اللهجة تجاه حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان، مشيراً إلى أن بلاده قد تلجأ إلى خيارات حاسمة تصل إلى حد "محو" الحركة إذا لم تتخذ إجراءات فورية لوقف الهجمات عبر الحدود. يأتي هذا الموقف المتشدد في أعقاب انهيار جولات متعددة من المحادثات التي كانت تهدف إلى احتواء التهديد المتزايد الذي تشكله حركة طالبان باكستان (TTP)، التي تتخذ من الأراضي الأفغانية ملاذاً آمناً لشن هجماتها داخل باكستان.
خلفية التوترات المتصاعدة
تدهورت العلاقات بين باكستان ونظام طالبان في أفغانستان بشكل كبير منذ عودة الحركة إلى السلطة في أغسطس 2021. فبينما كانت إسلام آباد تأمل في أن يساعد حلفاؤها السابقون في كبح جماح حركة طالبان باكستان، حدث العكس تماماً، حيث شهدت باكستان موجة غير مسبوقة من الهجمات الإرهابية التي تبنت الحركة معظمها. وتتهم باكستان حكومة طالبان في كابول بتوفير الدعم والمأوى لمقاتلي TTP، وهو اتهام تنفيه كابول باستمرار، مؤكدةً أنها لن تسمح باستخدام أراضيها لتهديد أمن أي دولة أخرى.
وفشلت الجهود الدبلوماسية والمفاوضات التي جرت بوساطة من طالبان الأفغانية بين الحكومة الباكستانية وحركة TTP في التوصل إلى اتفاق سلام دائم. وكانت مطالب TTP، التي تشمل التراجع عن دمج المناطق القبلية في باكستان وإطلاق سراح مقاتليها، غير مقبولة بالنسبة لإسلام آباد، مما أدى إلى انهيار وقف إطلاق النار واستئناف العنف.
فشل آخر جولات الحوار
شكل انهيار أحدث جولات المحادثات نقطة تحول دفعت باكستان إلى تبني لهجة أكثر صرامة. كانت هذه المحادثات تهدف إلى إيجاد آلية فعالة تضمن قيام طالبان الأفغانية بنزع سلاح مقاتلي TTP أو إبعادهم عن المناطق الحدودية. إلا أن عدم إحراز أي تقدم ملموس، واستمرار الهجمات الدامية ضد قوات الأمن والمدنيين في باكستان، أدى إلى نفاد صبر القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية، التي تعتبر الآن أن سياسة الحوار قد وصلت إلى طريق مسدود.
الأهمية والتداعيات المحتملة
يمثل هذا التهديد تحولاً كبيراً في استراتيجية باكستان، التي انتقلت من محاولة الاحتواء الدبلوماسي إلى التلويح باستخدام القوة العسكرية المباشرة. وتكمن أهمية هذا التطور في أنه قد يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة في منطقة غير مستقرة بالفعل. وتشمل التداعيات المحتملة ما يلي:
- عمليات عسكرية عبر الحدود: قد تقوم باكستان بتكثيف غاراتها الجوية أو عملياتها الخاصة داخل الأراضي الأفغانية لاستهداف معاقل TTP، مما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع قوات طالبان الأفغانية.
 - تدهور العلاقات الدبلوماسية: من المرجح أن تؤدي أي عملية عسكرية إلى قطع شبه كامل للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين، مما يزيد من عزلة أفغانستان.
 - تأثير إقليمي: يمكن أن يؤدي التصعيد إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، مع احتمال تدخل قوى إقليمية أخرى لها مصالح في أفغانستان.
 - أزمة إنسانية: قد يؤدي النزاع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان والتأثير سلباً على حركة التجارة والمساعدات عبر الحدود الحيوية.
 
في الختام، تقف المنطقة على شفا مرحلة جديدة من عدم اليقين، حيث تضع تصريحات وزير الدفاع الباكستاني البلدين على مسار تصادمي محتمل، ما لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي عاجل لمعالجة قضية الملاذات الآمنة لحركة TTP، التي باتت تشكل التحدي الأمني الأكبر لإسلام آباد.





