بدء محاكمة مشاهير تيك توك "أم مكة" و"شاكر محظور" بتهمة نشر فيديوهات منافية للآداب
شهدت أروقة المحكمة الاقتصادية في مصر بداية إجراءات محاكمة اثنين من مشاهير تطبيق تيك توك، وهما المتهمة ف.أ.، المعروفة بلقب "أم مكة"، والمتهم م.أ.، المعروف باسم "شاكر محظور". ويواجه الثنائي اتهامات خطيرة تتعلق بنشر محتوى رقمي اعتُبر خادشًا للحياء العام ومنافيًا لقيم المجتمع، وذلك بهدف تحقيق انتشار واسع وزيادة أعداد المتابعين، ومن ثم تحقيق أرباح مادية.

خلفية القضية وتفاصيل الاتهامات
تعود تفاصيل القضية إلى قيام الإدارة العامة لحماية الآداب العامة برصد نشاط المتهمين عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتحديدًا تطبيق تيك توك. ووفقًا لبيان جهات التحقيق، قام المتهمان بإنشاء وإدارة حسابات إلكترونية دأبا من خلالها على بث مقاطع فيديو تحتوي على إيحاءات وعبارات اعتُبرت مسيئة للآداب العامة، وتتعارض مع المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصري. وقد تضمنت المقاطع مشاهد تمثيلية وحوارات بهدف جذب الانتباه وإثارة الجدل.
بعد استكمال التحريات وجمع الأدلة الرقمية، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهمين. ووجهت لهما النيابة العامة لائحة اتهامات استنادًا إلى مواد قانونية متعددة، في مقدمتها القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات. تشمل الاتهامات الرسمية إنشاء وإدارة حسابات على شبكة الإنترنت بهدف التحريض على الفسق والفجور، والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية، ونشر محتوى مرئي ومسموع خادش للحياء العام.
وقائع المحاكمة والتطورات الأخيرة
خلال الجلسة الأولى التي عُقدت مؤخرًا، مثُل المتهمان أمام هيئة المحكمة. وقدمت النيابة العامة الأدلة التي تم جمعها، والتي تضمنت مقاطع الفيديو المصورة، بالإضافة إلى تقارير فنية من الجهات المختصة تثبت ملكية المتهمين للحسابات المستخدمة في نشر المحتوى. كما استمعت المحكمة إلى مرافعة الادعاء التي شددت على أن الأفعال المنسوبة للمتهمين تشكل جريمة مكتملة الأركان تهدف إلى هدم قيم المجتمع تحت ستار صناعة المحتوى الترفيهي.
من جانبها، تسعى هيئة الدفاع إلى تفنيد الاتهامات، حيث قد يرتكز الدفاع على أن المحتوى المقدم كان في سياق فكاهي أو تمثيلي لا يقصد منه التحريض على أي أفعال غير قانونية أو غير أخلاقية، وأن تفسير المحتوى يخضع لوجهات نظر متباينة. وقد قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى جلسة لاحقة لاستكمال المداولات وفحص كافة الأدلة المقدمة من الطرفين قبل إصدار حكمها النهائي.
السياق الأوسع: حملة ضد المحتوى الرقمي المثير للجدل
لا يمكن فصل هذه القضية عن سياق أوسع لحملة تنظيمية ورقابية تشنها السلطات المصرية منذ عدة سنوات على المحتوى المنشور عبر منصات التواصل الاجتماعي. تهدف هذه الحملة إلى ما تصفه بـ"حماية الأخلاق العامة والقيم الأسرية"، وقد أدت إلى محاكمة العديد من صانعي المحتوى والمؤثرين الرقميين. وتثير هذه القضايا جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والمجتمعية حول عدة نقاط، منها:
- قضايا سابقة: سبقت قضية "أم مكة" و"شاكر محظور" قضايا أخرى حظيت بتغطية إعلامية واسعة، مثل قضية حنين حسام ومودة الأدهم وغيرهما من فتيات تيك توك اللاتي صدرت بحقهن أحكام قضائية بالسجن والغرامة بتهم مشابهة.
- الإطار القانوني: تعتمد السلطات في هذه المحاكمات على نصوص قانونية فضفاضة، مثل "الاعتداء على قيم الأسرة المصرية"، وهو ما يعتبره بعض النقاد مصطلحًا غير دقيق يفتح الباب أمام تفسيرات واسعة قد تحد من حرية التعبير والإبداع الرقمي.
- الجدل المجتمعي: ينقسم الرأي العام بين مؤيد لهذه الإجراءات، باعتبارها ضرورية للحفاظ على هوية المجتمع الأخلاقية وحماية النشء من المحتوى الضار، ومعارض يرى فيها تقييدًا للحريات الشخصية وملاحقة للشباب الذين يسعون إلى الشهرة أو تحقيق دخل عبر وسائل جديدة.
العقوبات المحتملة والتداعيات القانونية
في حال إدانتهما بالتهم الموجهة إليهما، يواجه المتهمان عقوبات قد تكون رادعة بموجب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والقوانين الأخرى ذات الصلة. تتراوح العقوبات المحتملة بين الحبس لمدة قد تبدأ من ستة أشهر وتصل إلى عدة سنوات، بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة. وتُعد هذه المحاكمة بمثابة رسالة تحذير واضحة لغيرهم من صانعي المحتوى بوجود رقابة صارمة على ما يتم نشره، وأن السعي وراء الشهرة والأرباح يجب ألا يتعارض مع القوانين والضوابط الأخلاقية التي تفرضها الدولة.





