برشلونة يعبر عن استياء عميق إزاء تلميحات لاعبي ريال مدريد حول قضية نيغريرا
أعرب نادي برشلونة الإسباني عن استيائه الشديد والعميق في الآونة الأخيرة، ردًا على ما اعتبره تلميحات غير لائقة من قِبل لاعبين في غريمه التقليدي ريال مدريد. تأتي هذه التلميحات في سياق القضية المعروفة باسم "قضية نيغريرا"، والتي لا تزال تداعياتها القانونية والإعلامية مستمرة، مما يزيد من حدة التوتر بين عملاقي كرة القدم الإسبانية.

خلفية قضية نيغريرا
تُعد قضية خوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، النائب السابق لرئيس لجنة الحكام الفنية في إسبانيا (CTA)، واحدة من أبرز الفضائح التي هزت كرة القدم الإسبانية في السنوات الأخيرة. بدأت القضية بالظهور في أوائل عام 2023 عندما كُشِف عن تلقي شركة مملوكة لنيغريرا مدفوعات مالية كبيرة من نادي برشلونة تجاوزت الملايين من اليوروهات على مدار عدة سنوات، وتحديدًا بين عامي 2001 و2018.
وفقًا لتحقيقات النيابة العامة الإسبانية، تم دفع هذه المبالغ لشركة "داسنيل 95" التابعة لنيغريرا، مقابل خدمات استشارية وتقارير فنية تتعلق بالحكام والتحكيم. بينما يؤكد برشلونة أن هذه الخدمات كانت شرعية وتهدف إلى الحصول على معلومات حول طريقة عمل الحكام الشباب استعدادًا للمباريات، نافيًا بشكل قاطع أي محاولة للتأثير على نزاهة التحكيم أو الحصول على أي امتيازات رياضية غير مشروعة، تشتبه السلطات القضائية في وجود شبهة فساد رياضي ودفع رشاوى محتملة.
وقد أثرت هذه القضية بشكل كبير على سمعة النادي الكتالوني، ودفعت أندية أخرى، أبرزها ريال مدريد، إلى الانضمام كطرف مدعٍ في الإجراءات القانونية، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على شفافية ونزاهة المسابقات الكروية. لا تزال التحقيقات جارية، ويواجه برشلونة اتهامات متعددة في المحاكم الإسبانية.
التطورات الأخيرة وتلميحات لاعبي ريال مدريد
في الفترة الأخيرة، ومع استمرار النقاش العام حول قضية نيغريرا والجدل المحيط ببعض القرارات التحكيمية في مباريات الدوري الإسباني، صدرت عدة تلميحات من قِبل لاعبين بارزين في ريال مدريد اعتُبرت استفزازية وموجهة نحو برشلونة. ففي أعقاب مباريات معينة، وفي سياق تصريحات ما بعد المباراة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قام بعض لاعبي النادي الملكي بالإشارة بشكل غير مباشر إلى القضية.
على سبيل المثال، أشارت تقارير إعلامية إلى تصريحات أو إيماءات من لاعبين مثل داني كارفاخال وفينيسيوس جونيور، والتي فُسرت على نطاق واسع بأنها تلميحات إلى أن بعض القرارات التحكيمية قد تكون متحيزة لصالح برشلونة بسبب تداعيات قضية نيغريرا. لم تكن هذه التصريحات اتهامات مباشرة، بل كانت غالبًا عبارات مبطنة أو إشارات ضمنية تهدف إلى إثارة الشكوك حول نزاهة المنافسة.
وقد جاءت هذه التلميحات في وقت تتصاعد فيه حدة التنافس بين الناديين، سواء على صعيد البطولات المحلية أو الأوروبية، مما يزيد من الضغط على الأجواء العامة لكرة القدم الإسبانية.
رد فعل برشلونة واستيائه
لم يتردد نادي برشلونة في الرد على هذه التلميحات، حيث عبر مسؤولون كبار في النادي عن "استياء عميق" من هذه التصرفات. أكد النادي الكتالوني أن مثل هذه التلميحات لا تليق بقيمة الناديين وتاريخهما، وأنها تهدف إلى تشويه سمعة برشلونة وتقويض إنجازاته الرياضية.
- أعاد برشلونة التأكيد على موقفه الثابت بأن جميع المدفوعات لنيغريرا كانت مقابل خدمات استشارية قانونية مشروعة، وأن النادي لم يسع قط للتأثير على القرارات التحكيمية.
- انتقد النادي سلوك لاعبي ريال مدريد، معتبرًا إياه محاولة لتشتيت الانتباه عن أداء النادي الملكي نفسه، ولتأجيج الكراهية في بيئة رياضية من المفترض أن تكون تنافسية ولكن محترمة.
- دعا برشلونة إلى احترام العملية القضائية الجارية، مؤكدًا على مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته، ورفض أي محاولات لإصدار أحكام مسبقة خارج قاعات المحاكم.
- أشار النادي إلى أن هذه التلميحات تضر ليس فقط بسمعة برشلونة، بل أيضًا بسمعة كرة القدم الإسبانية ككل، وتزيد من الانقسامات بدلًا من تعزيز الوحدة والتنافس الشريف.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس النادي، خوان لابورتا، كان من أبرز الشخصيات التي دافعت عن موقف برشلونة بقوة، معتبرًا القضية جزءًا من "حملة تشويه" تستهدف النادي الكتالوني.
أهمية الخبر وتداعياته
يُبرز هذا التوتر الأخير بين برشلونة وريال مدريد مدى عمق الخصومة التاريخية التي تتجاوز المستطيل الأخضر لتشمل الجوانب القانونية والإعلامية. تُعتبر هذه التلميحات جزءًا من حرب نفسية وإعلامية أوسع بين الناديين، حيث يحاول كل طرف استغلال أي فرصة لإضعاف موقف الآخر.
للجمهور والمتابعين، يُعد هذا التطور مؤشرًا على أن قضية نيغريرا ستظل نقطة خلاف رئيسية بين الناديين لبعض الوقت، بغض النظر عن المسار الذي ستتخذه التحقيقات القضائية. كما أنها تسلط الضوء على الضغوط التي تواجه الأندية الكبرى للحفاظ على سمعتها ونزاهتها في عالم كرة القدم الحديث، حيث يمكن لأي شائعة أو تلميح أن ينتشر بسرعة ويؤثر على الرأي العام.
إن استمرار هذه المناوشات يؤكد على أن التنافس بين برشلونة وريال مدريد لا يقتصر على نتائج المباريات أو الألقاب، بل يمتد ليشمل صراعًا على الشرعية والنفوذ داخل هيكل كرة القدم الإسبانية.





