برنامج 'دولة التلاوة': مبادرة لإحياء المدرسة المصرية في تلاوة القرآن
في خطوة تهدف إلى الحفاظ على الإرث الثقافي والديني العريق، انطلق برنامج "دولة التلاوة" الذي تبثه قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في مصر، ليصبح منصة بارزة لاكتشاف الأصوات الجديدة في تلاوة القرآن الكريم وإعادة إحياء أمجاد المدرسة المصرية التي طالما كانت منارة في هذا الفن. تم إطلاق البرنامج خلال شهر رمضان، وهو توقيت يحمل رمزية خاصة، ليجذب اهتمام الملايين ويعيد إلى الأذهان عمالقة القراء الذين شكلوا وجدان الأمة الإسلامية.

خلفية ثقافية وتاريخية
عُرفت مصر على مر العصور بأنها "دولة التلاوة" بفضل نخبة من القراء الذين أتقنوا أحكام التجويد والمقامات الصوتية، وأوصلوا القرآن إلى قلوب المستمعين في جميع أنحاء العالم. أسماء مثل الشيخ محمد رفعت، وعبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، ومحمود خليل الحصري، لم تكن مجرد أصوات عذبة، بل كانت مؤسسة قائمة بذاتها تُعرف بـ"المدرسة المصرية في التلاوة". إلا أنه في العقود الأخيرة، لاحظ متابعون وخبراء تراجعاً في ظهور قراء جدد بنفس التأثير والقوة، مما أثار مخاوف من اندثار هذا التراث الفريد.
أهداف البرنامج وآلياته
يسعى برنامج "دولة التلاوة" إلى معالجة هذا التحدي عبر عدة محاور رئيسية. فهو لا يقتصر على كونه مسابقة لاكتشاف المواهب، بل يعمل كحاضنة لجيل جديد من القراء الموهوبين من مختلف محافظات مصر. تتضمن آلية البرنامج ما يلي:
- لجنة تحكيم متخصصة: تتألف لجنة التحكيم من كبار القراء وعلماء المقامات الصوتية وأساتذة القرآن وعلومه، مما يضمن تقييماً دقيقاً ومبنياً على أسس علمية وفنية.
- مسابقة على مستوى الجمهورية: يفتح البرنامج الباب أمام آلاف المتقدمين من كافة أنحاء البلاد، وتجرى تصفيات أولية لاختيار أفضل الأصوات للمشاركة في المراحل النهائية التي يتم بثها تلفزيونياً.
- إعادة الاعتبار للتراث: يقدم البرنامج فقرات تعريفية بتاريخ أعلام القراء المصريين، مسلطاً الضوء على مدارسهم المختلفة وأساليبهم الفريدة، ليكون بمثابة رحلة تعليمية وتثقيفية للجمهور والجيل الجديد.
الأصداء والتأثير المجتمعي
منذ انطلاقته، حظي برنامج "دولة التلاوة" بترحيب واسع على المستويين الرسمي والشعبي. وقد أشاد به العديد من النقاد والمؤسسات الدينية، معتبرينه مبادرة ضرورية في وقتها للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية لمصر. يُنظر إلى البرنامج على أنه نجح في إعادة فن التلاوة إلى صدارة المشهد الإعلامي، وتشجيع الأسر على الاهتمام بتعليم أبنائهم القرآن الكريم وتجويده. كما ساهم في تسليط الضوء على كنوز بشرية من الشباب الذين يمتلكون مواهب استثنائية ولكنهم كانوا بحاجة إلى منصة لإبرازها.
أكد القائمون على البرنامج، الذي تم عرضه في مواسم متتالية خلال شهر رمضان 2023 و2024، على استمراريته كمشروع وطني طويل الأمد يهدف إلى ضمان انتقال راية المدرسة المصرية في التلاوة إلى الأجيال القادمة بقوة واقتدار.





