بضغط أمريكي، إسرائيل توافق على دخول فريق مصري إلى غزة للبحث عن جثامين الرهائن
في تطور لافت ضمن مفاوضات الأزمة في قطاع غزة، أفادت تقارير صدرت مؤخراً بأن الحكومة الإسرائيلية وافقت على السماح بدخول فريق مصري متخصص إلى القطاع. تأتي هذه الموافقة بعد ضغوط دبلوماسية مكثفة من الإدارة الأمريكية، وتهدف المهمة المصرية إلى البحث عن جثامين الرهائن الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم قُتلوا أثناء احتجازهم لدى حركة حماس وفصائل أخرى منذ بدء النزاع في السابع من أكتوبر.

خلفية أزمة المحتجزين
تُعد قضية الرهائن والمحتجزين إحدى أكثر القضايا تعقيداً وحساسية في الصراع الدائر. فمنذ الهجوم الذي قادته حماس، أصبح مصير أكثر من مئة شخص مجهولاً، حيث يُعتقد أن عدداً منهم قد فارق الحياة إما خلال الهجوم نفسه أو نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية اللاحقة أو لأسباب أخرى. وقد شكلت هذه القضية محوراً أساسياً في جميع جولات المفاوضات غير المباشرة التي جرت بوساطة دولية، أبرزها مصر وقطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
واجهت المفاوضات عقبات متكررة، كان من بينها الخلاف حول تحديد هوية المحتجزين المتوفين وتسليم رفاتهم. اتهمت إسرائيل حركة حماس بالمماطلة واستخدام هذه القضية الإنسانية كورقة ضغط سياسية، فيما طالبت حماس بوقف شامل للعمليات العسكرية وانسحاب القوات الإسرائيلية كشرط مسبق لأي تقدم جاد.
التطورات الأخيرة والتدخل الأمريكي
جاءت الموافقة الإسرائيلية الأخيرة كنتاج مباشر لجهود دبلوماسية أمريكية مكثفة. وبحسب مصادر مطلعة، مارست واشنطن ضغوطاً كبيرة على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على هذه الخطوة، باعتبارها بادرة قد تساهم في كسر الجمود الحالي في المحادثات. ترى الإدارة الأمريكية أن معالجة الجانب الإنساني المتعلق بجثامين الرهائن قد يفتح الباب أمام تقدم في ملفات أخرى أكثر تعقيداً.
قبل هذا القرار، كانت إسرائيل ترفض فكرة دخول أي طرف ثالث للقيام بعمليات بحث ميدانية داخل غزة، مشددة على أن هذه المهمة تقع ضمن نطاق عملياتها العسكرية الحصرية. إلا أن الضغط الأمريكي، بالإضافة إلى الضغط الداخلي المتزايد من عائلات الرهائن، دفع على ما يبدو إلى تغيير هذا الموقف.
الدور المصري والتنسيق الميداني
يُبرز اختيار فريق مصري لهذه المهمة الدور المحوري الذي تلعبه القاهرة في الأزمة. فمصر، بفضل حدودها المشتركة مع غزة وعلاقاتها التاريخية مع كافة الأطراف، تُعتبر الوسيط الأكثر قدرة على التحرك على الأرض. من المتوقع أن يكون الفريق المصري مكوناً من خبراء فنيين وأمنيين لديهم خبرة في عمليات البحث والتعرف على الرفات، وليس قوة عسكرية بالمعنى التقليدي.
ستكون المهمة محفوفة بالمخاطر وتتطلب تنسيقاً أمنياً دقيقاً ومعقداً على عدة مستويات:
- التنسيق مع الجيش الإسرائيلي لتأمين دخول الفريق وتنقلاته داخل مناطق العمليات العسكرية.
- التنسيق المحتمل، ولو بشكل غير مباشر، مع الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة للحصول على معلومات حول المواقع المحتملة وتجنب أي احتكاك.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه الخطوة في كونها سابقة في هذا النزاع، حيث تسمح إسرائيل لدولة أخرى بالقيام بمهمة حساسة على الأرض داخل قطاع غزة. إذا نجحت المهمة المصرية في تحديد مكان بعض الجثامين واستعادتها، فإن ذلك سيمثل انفراجة إنسانية هامة لعائلات الرهائن، وقد يساهم في بناء قدر ضئيل من الثقة اللازمة لدفع المفاوضات الأوسع. ومع ذلك، يظل نجاح المهمة غير مضمون، وقد يؤدي أي فشل أو حادث أمني إلى زيادة تعقيد الموقف. وينظر المراقبون إلى هذه الخطوة بحذر، معتبرين أنها اختبار حقيقي لنوايا الأطراف المعنية وقدرتها على التعاون في القضايا الإنسانية الملحة.





