«حماس» تطالب الوسطاء بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة
صرحت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» مؤخرًا بمطالبتها الشديدة للوسطاء الدوليين، وفي مقدمتهم قطر ومصر والولايات المتحدة، بتكثيف ضغوطهم على إسرائيل. تهدف هذه المطالبة إلى ضمان التزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار المقترح، الذي يهدف إلى إنهاء الصراع الدائر في قطاع غزة وتسهيل تبادل الأسرى والجثامين.

الخلفية والتطورات الأخيرة
يأتي هذا التطور في سياق حرب مستمرة منذ أشهر في قطاع غزة، والتي خلّفت أزمة إنسانية كارثية وتدميرًا واسع النطاق. وقد شهدت الأسابيع والأشهر الماضية جهودًا مكثفة من الوسطاء لوقف هذه الحرب، أو على الأقل التوصل إلى هدنة مؤقتة تفضي إلى تبادل الأسرى المحتجزين لدى حماس، مقابل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها.
في تطور ذي صلة يعكس التزام حماس بمسار التبادل، أعلنت الحركة عن تسليم كتائب القسام، جناحها العسكري، لثلاثة جثامين لجنود إسرائيليين. هذا الإجراء، الذي جرى في ظل ظروف معقدة، يُنظر إليه كإشارة على استعداد حماس للمضي قدمًا في عملية التبادل الشاملة، والسعي لبذل كل جهد ممكن لتسليم جميع الجثامين بأسرع وقت، وفق ما صرحت به الحركة. هذا الحدث يسلط الضوء على أحد الجوانب الحساسة والمعقدة في أي اتفاق محتمل، وهو مصير الأسرى والجثامين من الجانبين.
وكانت مقترحات سابقة لوقف إطلاق النار قد تضمنت عدة مراحل، تبدأ بهدنة مؤقتة وإطلاق سراح أعداد من الأسرى الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، تليها مراحل أطول تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية وعودة النازحين وإعادة إعمار القطاع. إلا أن المفاوضات اصطدمت مرارًا بعقبات تتعلق بتفاصيل التطبيق والضمانات الأمنية وموقف كل طرف من انتهاء الحرب بشكل دائم.
مطالب حماس الرئيسية
تتمحور مطالب حماس بضرورة الضغط على إسرائيل حول عدة نقاط أساسية، ترى الحركة أنها جوهرية لأي اتفاق فعال ومستدام. وهي تعتقد أن إسرائيل تتهرب من الالتزامات المتفق عليها أو تسعى لتأخيرها، مما يعرقل التوصل إلى حل. أبرز هذه المطالب تشمل:
- وقف شامل وكامل للحرب: تصر حماس على أن أي اتفاق يجب أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار وليس مجرد هدنة مؤقتة، وهو ما ترفضه إسرائيل حاليًا قبل تحقيق أهدافها المعلنة في القضاء على حماس.
- انسحاب القوات الإسرائيلية: تطالب الحركة بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، كشرط أساسي لعودة الحياة الطبيعية وإعادة الإعمار.
- عودة النازحين: ضرورة ضمان عودة جميع النازحين إلى مناطق سكناهم في شمال ووسط القطاع دون قيود.
- إدخال المساعدات: ضمان تدفق مستمر وغير مقيد للمساعدات الإنسانية والإغاثية ومواد الإعمار إلى جميع أنحاء القطاع.
- إتمام صفقة التبادل: تنفيذ صفقة تبادل شاملة للأسرى والجثامين، والتي تعد نقطة محورية في المفاوضات.
موقف إسرائيل وردود الفعل الدولية
من جانبها، تصر الحكومة الإسرائيلية على أن عملياتها العسكرية في غزة ستستمر حتى تحقيق أهدافها المعلنة، وهي تفكيك القدرات العسكرية والمدنية لحركة حماس وإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين، وتأمين الحدود الجنوبية لإسرائيل. وترى إسرائيل أن الضغوط يجب أن تُمارس على حماس لقبول الشروط الإسرائيلية، وتتهم الحركة بتعطيل المفاوضات بمطالب غير واقعية.
الوسطاء الدوليون، الذين يعملون جاهدين لتقريب وجهات النظر، يجدون أنفسهم أمام تحدٍ كبير. وقد أعربت عدة دول ومنظمات دولية عن قلقها العميق إزاء الجمود في المفاوضات وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة. وهم يدعون كلا الطرفين إلى المرونة وتقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى اتفاق ينهي المعاناة في القطاع ويفتح الباب أمام استقرار أوسع.
أهمية هذه المطالب والتداعيات المحتملة
تحمل مطالب حماس هذه أهمية قصوى في المسار الدبلوماسي الجاري. فهي تعكس محاولة من الحركة لتوجيه الضغط الدولي نحو إسرائيل، في محاولة لكسر الجمود الحالي في المفاوضات. إذا استمر هذا الجمود، فإن التداعيات المحتملة تشمل استمرار العمليات العسكرية، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وزيادة التوتر الإقليمي. من ناحية أخرى، قد يؤدي الضغط الفعال من الوسطاء إلى دفع إسرائيل نحو مرونة أكبر في شروط الاتفاق، مما قد يمهد الطريق لهدنة وربما وقف دائم لإطلاق النار.
في ظل هذه التطورات، يظل دور الوسطاء حاسمًا في محاولة بناء جسور الثقة المفقودة بين الأطراف المتنازعة. إن التحدي الأكبر يتمثل في التوفيق بين المطالب المتضاربة والضمانات الأمنية لكلا الجانبين، مع الحفاظ على الأمل في التوصل إلى حل ينهي إحدى أطول وأعقد الصراعات في المنطقة. الطريق إلى اتفاق دائم لا يزال مليئًا بالعقبات، ولكن الدعوات المتكررة للضغط تؤكد الحاجة الملحة لحلول دبلوماسية.





