واشنطن تطالب حماس بنزع سلاحها فوراً ووقف الاستيلاء على المساعدات في غزة
جددت الولايات المتحدة الأمريكية، مؤخرًا، مطالباتها لحركة حماس بضرورة نزع سلاحها بالكامل ووقف ما تصفه بـ «الاستيلاء» على المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة. تأتي هذه المطالبات في خضم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، والحرب الدائرة منذ أكتوبر الماضي، حيث تشكل مسألة إيصال المساعدات وتوزيعها نقطة محورية في النقاشات الدولية.

خلفية المطالبات الأمريكية وموقفها من حماس
تُصنف واشنطن حركة حماس كمنظمة إرهابية منذ عقود، وتعتبر نزع سلاحها شرطًا أساسيًا لأي حل مستدام للصراع في المنطقة. وقد تصاعدت هذه الدعوات بشكل ملحوظ بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، الذي شنه مقاتلو حماس على بلدات إسرائيلية. ترى الإدارة الأمريكية، ممثلة بوزير خارجيتها أنتوني بلينكن ومسؤولين آخرين، أن استمرار حماس في السيطرة على غزة وتمسكها بسلاحها يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق الأمن والاستقرار في القطاع وفي المنطقة ككل. وتؤكد واشنطن أن أي ترتيبات مستقبلية لغزة يجب أن تستبعد حماس من السلطة وأن تضمن عدم قدرتها على شن هجمات مستقبلية.
اتهامات الاستيلاء على المساعدات وتأثيرها
لا تقتصر المطالبات الأمريكية على نزع السلاح فحسب، بل تمتد لتشمل وقف ما تعتبره واشنطن «استيلاء» حماس على المساعدات الإنسانية. وقد وردت تقارير عديدة، نقلتها مصادر أمريكية وإسرائيلية وبعض المنظمات الإغاثية، تتهم الحركة بالتحكم في شاحنات المساعدات، وتحويل بعضها لأغراضها الخاصة أو بيعها في السوق السوداء، أو فرض رسوم على توزيعها. وتنفي حماس هذه الاتهامات بشكل قاطع، وتؤكد أنها تقوم بتنظيم توزيع المساعدات لضمان وصولها إلى مستحقيها ومنع الفوضى، وتتهم إسرائيل بعرقلة دخول المساعدات في المقام الأول.
- تأثير الاستيلاء: يؤدي الاستيلاء المزعوم على المساعدات إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في غزة، حيث يعتمد غالبية السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. كما يقوض هذا الأمر ثقة الجهات المانحة ويصعب من جهود المنظمات الدولية لإيصال الإغاثة بشكل فعال ومنصف.
- المخاوف الأمريكية: تعرب واشنطن عن قلقها البالغ من أن يعرقل الاستيلاء على المساعدات وصولها إلى المدنيين الأكثر ضعفًا، مما يزيد من معاناتهم ويساهم في حالة انعدام الأمن الغذائي والصحي التي يعيشها القطاع.
الوضع الإنساني في غزة ودور المساعدات
يمر قطاع غزة بأزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في دمار واسع النطاق ونزوح جماعي للسكان. وقد أدت القيود المفروضة على دخول المساعدات، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية والأمنية داخل القطاع، إلى نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والمأوى. في هذا السياق، تعتبر المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد لمئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة. وتعمل العديد من المنظمات الدولية والأممية، مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على إيصال هذه المساعدات، لكنها تواجه تحديات جمة.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
تُعد المطالبات الأمريكية بنزع سلاح حماس ووقف الاستيلاء على المساعدات جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تشكيل مستقبل غزة بعد الصراع. ترى الولايات المتحدة أن تحقيق السلام والاستقرار يتطلب وجود سلطة مدنية قادرة على الحكم بفعالية وتقديم الخدمات، بعيدًا عن سيطرة أي فصيل مسلح. ومن المرجح أن تكون هذه المطالب جزءًا لا يتجزأ من أي مفاوضات مستقبلية لوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى، حيث تضغط واشنطن على جميع الأطراف لقبول رؤية لحل الدولتين يتطلب تجريد حماس من قدراتها العسكرية. بينما ترى حماس أن هذه المطالب تهدف إلى تجريدها من قدرتها على المقاومة وحماية الشعب الفلسطيني.
باختصار، تعكس المطالبات الأمريكية رغبة واشنطن في إرساء أسس مختلفة لحوكمة غزة ومستقبلها، مع التركيز على الجانب الإنساني والأمني. وتظل هذه المطالب نقاط خلاف رئيسية بين الأطراف المعنية، وتشكل تحديًا كبيرًا أمام أي جهود للتوصل إلى حلول دائمة للأزمة المستمرة.





