تسلم إسرائيل جثامين 3 قتلى من غزة وتكثيف الاعتقالات والمداهمات بالضفة الغربية غداة الاتفاق
في اليوم الثالث والعشرين من سريان اتفاق الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، شهدت المنطقة تطورين متناقضين. فبينما تسلمت إسرائيل جثامين ثلاثة قتلى كانوا محتجزين في غزة كجزء من الترتيبات المتفق عليها، تصاعدت في الوقت ذاته حملات الاعتقال والمداهمات العسكرية الإسرائيلية بشكل ملحوظ في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة. هذا التزامن يبرز التعقيدات الأمنية والإنسانية المستمرة في الأراضي الفلسطينية.

تفاصيل تسلم الجثامين
أكدت مصادر إسرائيلية في يوم الأربعاء، 29 نوفمبر 2023، أن الجيش الإسرائيلي تسلم جثامين ثلاثة قتلى كانوا محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وقد تمت عملية التسليم هذه بوساطة وتنسيق مباشر من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي منظمة محايدة تلعب دوراً حاسماً في تسهيل التبادلات الإنسانية خلال النزاعات. تم نقل التوابيت التي تحمل الجثامين عبر معبر كرم أبو سالم، وهي في طريقها إلى إسرائيل لإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد الهوية النهائية وإبلاغ العائلات. تأتي هذه الخطوة ضمن سياق أوسع للاتفاق الذي يشمل تبادل الأسرى الأحياء واستعادة رفات القتلى من كلا الجانبين، بهدف توفير بعض الإغلاق للعائلات المتضررة.
السياق العام للهدنة والتبادل
يُعد تسلم الجثامين جزءاً لا يتجزأ من اتفاق الهدنة المؤقتة الذي دخل حيز التنفيذ في مطلع شهر نوفمبر الماضي، ويهدف إلى وقف إطلاق النار لأيام معدودة، يتم خلالها تبادل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، بالإضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية إلى قطاع غزة الذي يعاني من حصار شديد. وعلى الرغم من أن التركيز الأساسي للاتفاق كان على إطلاق سراح الأحياء، فإن قضايا استعادة الجثامين تظل ذات أهمية إنسانية بالغة، وتظهر مرونة في تطبيق بنود الهدنة لتلبية مطالب الجانبين.
تصعيد الاعتقالات والمداهمات في الضفة الغربية
على النقيض من أجواء الهدوء النسبي والتعاون الإنساني في غزة، شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة تصعيداً في العمليات العسكرية الإسرائيلية. فخلال الساعات التي تلت مباشرة هذه التطورات، نفذت القوات الإسرائيلية حملات اعتقال واسعة طالت عشرات الفلسطينيين في مدن وقرى ومخيمات مثل جنين ونابلس ورام الله والخليل. شملت هذه العمليات مداهمات للمنازل وتفتيشها، واقتحامات لمواقع يُزعم أنها مراكز للنشاط الفلسطيني. وتؤكد السلطات الإسرائيلية أن هذه الإجراءات تأتي في إطار ملاحقة ما تصفه بـ «العناصر الإرهابية» والحفاظ على الأمن في المنطقة، إلا أنها غالباً ما تثير غضب السكان المحليين وتزيد من التوتر القائم.
الأهمية والتداعيات
تُبرز هذه التطورات المتباينة مدى تعقيد المشهد الأمني والسياسي في الأراضي الفلسطينية. فمن جهة، يمثل تسلم الجثامين خطوة إنسانية مهمة تمنح عائلات الضحايا فرصة لدفن ذويهم وتجاوز مرحلة مؤلمة من الانتظار، مما يعكس جانباً من التعاون الذي يمكن أن يتم في أوقات الهدنة. ومن جهة أخرى، فإن استمرار وتكثيف حملات الاعتقال والمداهمات في الضفة الغربية يلقي بظلاله على أي جهود لترسيخ استقرار شامل، ويهدد بتقويض أسس أي اتفاقات مستقبلية. هذه العمليات العسكرية المستمرة تذكّر بأن التوترات والصراعات تتجاوز الحدود الجغرافية لغزة، وتظل الضفة الغربية بؤرة للتوترات التي قد تؤثر على مجمل الاستقرار الإقليمي.





