بقرار قضائي.. بطلان نتائج انتخابات البرلمان المصري في 28 دائرة
أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر، خلال سلسلة من الأحكام التي امتدت على مدار أواخر عام 2015 ومطلع عام 2016، قرارات نهائية بإلغاء نتائج انتخابات مجلس النواب في عدد من الدوائر الانتخابية وصل مجموعها إلى 28 دائرة على مستوى الجمهورية. جاءت هذه القرارات كجزء من دور القضاء الإداري في الرقابة على العملية الانتخابية والبت في الطعون المقدمة من المرشحين، مما استدعى إعادة إجراء الانتخابات في تلك الدوائر وتعديل تشكيلة المجلس البرلمانية الأول بعد إقرار دستور 2014.

خلفية الانتخابات والسياق السياسي
جرت انتخابات مجلس النواب المصري لعام 2015 على مرحلتين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من العام نفسه، واكتسبت أهمية خاصة كونها آخر استحقاق في خارطة الطريق السياسية التي أُعلنت في يوليو 2013. هدفت هذه الانتخابات إلى تشكيل السلطة التشريعية بعد فترة غياب طويلة للبرلمان، واستكمال بناء مؤسسات الدولة في ظل رئاسة عبد الفتاح السيسي. تميزت الانتخابات بنظام انتخابي معقد يجمع بين القائمة المطلقة والنظام الفردي، وشهدت مشاركة واسعة من المرشحين المستقلين والأحزاب السياسية، في حين قاطعتها بعض القوى السياسية الأخرى. وتولت اللجنة العليا للانتخابات آنذاك مسؤولية الإشراف الكامل على العملية الانتخابية.
تفاصيل الأحكام القضائية وأسبابها
بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، تقدم العديد من المرشحين الخاسرين بطعون أمام القضاء الإداري، زاعمين وجود مخالفات وتجاوزات أثرت على نزاهة التصويت. وتعد المحكمة الإدارية العليا هي الجهة القضائية النهائية المختصة بالفصل في صحة عضوية نواب البرلمان. استندت المحكمة في قراراتها ببطلان النتائج في الدوائر المتأثرة إلى مجموعة متنوعة من الأسباب، والتي اختلفت من دائرة إلى أخرى. شملت أبرز هذه الأسباب ما يلي:
- أخطاء إجرائية: رصدت المحكمة وجود أخطاء في إجراءات الفرز وتجميع أصوات الناخبين، مثل عدم تطابق الأرقام في محاضر الفرز أو وجود أخطاء حسابية واضحة أثرت على النتيجة النهائية.
- مخالفات قانونية: ثبت للمحكمة وقوع مخالفات للقانون الانتخابي، مثل تجاوز حدود الدعاية الانتخابية أو وجود شبهات تأثير على إرادة الناخبين.
- مشاكل في كشوف الناخبين: في بعض الحالات، تم الطعن في صحة كشوف الناخبين أو وجود أسماء مكررة أو غير صحيحة، مما اعتبرته المحكمة عيباً جوهرياً يبطل العملية في تلك اللجان.
لم تصدر قرارات الإلغاء في حكم واحد، بل كانت عبارة عن سلسلة من الأحكام المنفصلة التي صدرت على مدار عدة أشهر، وكل حكم كان يخص دائرة انتخابية محددة أو أكثر، وتوزعت هذه الدوائر على محافظات مختلفة من بينها القاهرة والجيزة والإسكندرية وسوهاج وغيرها.
التأثيرات والمترتبات على الأرض
كان للأحكام القضائية تأثير مباشر وفوري على المشهد السياسي والبرلماني. تمثلت النتيجة الأبرز في إلزام اللجنة العليا للانتخابات بتنظيم انتخابات إعادة في جميع الدوائر التي صدر بحقها حكم بالبطلان. وقد أدى ذلك إلى تحديات لوجستية وتنظيمية، حيث كان على اللجنة تحديد مواعيد جديدة للاقتراع وتجهيز اللجان الانتخابية مرة أخرى. كما ترتب على هذه القرارات فقدان النواب الفائزين في تلك الدوائر لمقاعدهم البرلمانية بشكل مؤقت، لحين إجراء الانتخابات المعادة التي قد تسفر عن فوزهم مرة أخرى أو عن فوز مرشحين آخرين. أثرت هذه العملية أيضاً على التشكيل النهائي لمجلس النواب وتوزيع القوى السياسية داخله، وأبرزت الدور المحوري الذي يلعبه القضاء في ضمان سلامة الإجراءات الديمقراطية ومراقبة نزاهتها.





