تحذيرات من تسونامي في شمال شرق اليابان عقب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة
في وقت سابق من الرابع عشر من مايو/أيار 2024، اهتزت مناطق شمال شرق اليابان جراء زلزال عنيف بلغت قوته 6.9 درجة على مقياس ريختر، ما دفع وكالة الأرصاد الجوية اليابانية إلى إصدار تحذير من أمواج تسونامي محتملة على طول السواحل الشرقية للبلاد. وقد أدت هذه الهزة الأرضية، التي وقعت في المحيط الهادئ قبالة الساحل، إلى موجات تسونامي خفيفة ودفعت بالسلطات إلى اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة شملت إجلاء بعض السكان وتعليق مؤقت لخدمات النقل الرئيسية، في تذكير صارخ بالتهديدات الزلزالية التي تواجه الأرخبيل الياباني.

تفاصيل الزلزال والتسونامي
وقع الزلزال تحديداً في تمام الساعة 5:03 مساءً بالتوقيت المحلي، قبالة ساحل سانريكو بمحافظة إيواتي، على عمق يقدر بنحو 16 كيلومترًا تحت سطح البحر. وقد عدلت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية (JMA) قوة الزلزال إلى 6.9 درجة، بعد أن كانت قد قدرتها مبدئياً بـ 6.7 درجة. فور وقوع الزلزال، أصدرت الوكالة تحذيراً من تسونامي لمحافظة إيواتي، مشيرة إلى توقعات بوصول أمواج بارتفاع يصل إلى متر واحد. وصلت الأمواج الأولى بعد فترة وجيزة من الزلزال، وكانت بارتفاعات متفاوتة، لكنها ظلت ضمن نطاق الموجات الخفيفة التي لا تشكل تهديداً كارثياً فورياً، على الرغم من أن أي ارتفاع في مستوى سطح البحر في مثل هذه الظروف يستدعي أقصى درجات الحذر. تُعرف اليابان بكونها تقع على "حزام النار" في المحيط الهادئ، وهي منطقة تشهد نشاطاً زلزالياً وبركانياً مكثفاً نتيجة لاصطدام الصفائح التكتونية. هذه الجغرافيا تجعل البلاد عرضة باستمرار للزلازل والتسونامي، مما يتطلب أنظمة إنذار مبكر وتأهب متطورة.
الإجراءات الوقائية والاستجابة
استجابت السلطات اليابانية للتهديد المحتمل بسرعة وفعالية. تم إصدار أوامر بإجلاء السكان في المناطق الساحلية المعرضة للخطر في محافظة إيواتي، ودعت السكان إلى التوجه إلى الأراضي المرتفعة. وقد تضمنت هذه الإجراءات تفعيل صفارات الإنذار وإرسال رسائل نصية تحذيرية إلى الهواتف المحمولة في المناطق المستهدفة. كما تأثرت حركة النقل، حيث تم تعليق جزئي ومؤقت لخدمات شبكة قطارات شينكانسن السريعة على بعض الخطوط، مثل خط توهوكو شينكانسن، كإجراء احترازي لضمان سلامة الركاب وإجراء فحوصات للمسارات. ووجهت نصائح للسفن والزوارق الصغيرة بالابتعاد عن الشواطئ والتوجه إلى المياه العميقة، أو الرسو في موانئ آمنة. هذه الإجراءات المتخذة تعكس المستوى العالي من التأهب الذي تتمتع به اليابان في التعامل مع الكوارث الطبيعية.
السياق التاريخي والدروس المستفادة
يأتي هذا الزلزال والتحذير من تسونامي ليعيد إلى الأذهان ذكريات مؤلمة للكارثة التي حلت بالبلاد في 11 مارس 2011، عندما ضرب زلزال بقوة 9.0 درجات تبعته أمواج تسونامي مدمرة، تسببت في وفاة أو فقدان أكثر من 18 ألف شخص وألحقت أضراراً جسيمة بالمناطق الساحلية، بما في ذلك كارثة محطة فوكوشيما النووية. لقد علمت تلك الكارثة اليابان دروساً قاسية حول أهمية التأهب المستمر وفعالية أنظمة الإنذار المبكر. ومنذ ذلك الحين، استثمرت اليابان بشكل كبير في تحسين بنيتها التحتية لتكون أكثر مقاومة للزلازل، وتطوير أنظمة إنذار مبكر للتسونامي تعد الأفضل في العالم. تعتمد هذه الأنظمة على شبكة واسعة من أجهزة قياس الزلازل والطوافات العائمة التي ترصد أي تغيرات في قاع المحيط ومستويات سطح البحر، مما يتيح إصدار التحذيرات في غضون دقائق من وقوع الزلزال.
التأثيرات الأولية ورفع التحذيرات
لحسن الحظ، لم ترد تقارير فورية عن وقوع إصابات خطيرة أو أضرار واسعة النطاق نتيجة لهذا الزلزال وأمواج التسونامي الخفيفة المصاحبة له. وبعد عدة ساعات من المراقبة المستمرة وتقييم الوضع، قامت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية بتخفيض مستوى التحذير من تسونامي إلى "نصيحة تسونامي"، ثم رفعته لاحقاً بعد التأكد من زوال الخطر. بدأت حركة القطارات بالعودة تدريجياً إلى طبيعتها، وعاد السكان الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم، مع الحفاظ على حالة اليقظة تحسباً لأي هزات ارتدادية محتملة. يُعد هذا السيناريو مثالاً على كيفية عمل أنظمة الاستجابة اليابانية بفعالية لتقليل الخسائر البشرية والمادية حتى في مواجهة التهديدات الطبيعية الكبيرة.
أهمية الخبر
يبرز هذا الحدث الأهمية البالغة لأنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية ودورها المحوري في حماية الأرواح والممتلكات. إن قدرة اليابان على الاستجابة السريعة والمنظمة لمثل هذه التهديدات توفر نموذجاً يحتذى به عالمياً في إدارة مخاطر الكوارث. كما يؤكد على الطبيعة المستمرة للتحديات التي تفرضها الجغرافيا على بعض الدول، وضرورة الاستعداد الدائم لمواجهة قوى الطبيعة. هذا الخبر لا يتعلق فقط بزلزال وتسونامي، بل هو قصة عن الصمود والتأهب والابتكار في مواجهة المخاطر الطبيعية، وشهادة على التزام اليابان بسلامة مواطنيها وبنيتها التحتية.





