تراجع أسعار الذهب محليًا وعالميًا بعد موجة صعود تاريخية
شهدت أسواق الذهب تراجعًا ملحوظًا خلال التعاملات الأخيرة، منهية بذلك موجة من الارتفاعات القياسية التي دفعت المعدن الأصفر إلى مستويات غير مسبوقة. هذا الهبوط، الذي انعكس على الأسواق العالمية والمحلية على حد سواء، جاء نتيجة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي غيرت من معنويات المستثمرين ودفعتهم نحو عمليات جني الأرباح.

العوامل العالمية وراء التراجع
على الصعيد العالمي، ارتبط انخفاض سعر الأوقية بشكل أساسي بعمليات تصحيح الأسعار بعد الوصول إلى قمة تاريخية. فبعد أن تجاوز سعر الأوقية مستويات قياسية مدفوعًا بمخاوف اقتصادية وتوترات جيوسياسية، بدأ المستثمرون في بيع حيازاتهم لتأمين الأرباح. وقد ساهم في هذا التراجع عدة عوامل رئيسية:
- قوة الدولار الأمريكي: أدى تعافي مؤشر الدولار إلى جعل الذهب أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما قلل من جاذبيته وأدى إلى تراجع الطلب عليه.
- توقعات أسعار الفائدة: أثرت البيانات الاقتصادية القوية وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على توقعات المستثمرين بشأن مستقبل أسعار الفائدة. فالتلميحات إلى أن الفائدة قد تظل مرتفعة لفترة أطول من المتوقع تقلل من جاذبية الذهب، الذي لا يدر عائدًا دوريًا مقارنة بالسندات.
- استقرار جيوسياسي نسبي: أدت أنباء عن محادثات لوقف إطلاق النار في بعض بؤر التوتر العالمية إلى تراجع الإقبال على الذهب كملاذ آمن، حيث يميل المستثمرون إلى الأصول ذات المخاطر العالية في أوقات الاستقرار.
ديناميكيات السوق المحلي في مصر
في السوق المصري، كان التراجع أكثر وضوحًا، حيث انخفض سعر جرام الذهب من عيار 21، الأكثر شعبية، بنحو 110 جنيهات خلال يومين، بعد أن كان قد سجل ارتفاعًا تاريخيًا. ويعود هذا الانخفاض بشكل مباشر إلى تراجع السعر العالمي للأوقية، حيث يرتبط السعر المحلي ارتباطًا وثيقًا بالسعر في البورصات العالمية، بالإضافة إلى سعر صرف الدولار في السوق المحلية.
وأشار خبراء في شعبة الذهب بالغرفة التجارية إلى أن الهبوط جاء كحركة تصحيحية طبيعية بعد الارتفاعات الكبيرة والمتتالية. وأوضحوا أنه عندما تصل الأسعار إلى مستويات قياسية، تبدأ موجة من البيع من قبل المواطنين والمستثمرين الذين يرغبون في تحقيق أرباح من مدخراتهم، مما يزيد من المعروض في السوق ويضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
تحليل الخبراء والنظرة المستقبلية
يرى المحللون أن فترة الهدوء الحالية في أسعار الذهب قد تكون مؤقتة، وأن مسار الأسعار على المدى الطويل لا يزال مرهونًا بالعديد من المتغيرات. لا يزال الذهب مكونًا رئيسيًا في محافظ البنوك المركزية حول العالم كوسيلة للتحوط ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي. يؤكد الخبراء أن أي تجدد للمخاوف الجيوسياسية أو ظهور بيانات اقتصادية تشير إلى تباطؤ النمو العالمي قد يعيد المستثمرين مرة أخرى إلى الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب.
في الوقت الحالي، يترقب السوق صدور المزيد من البيانات الاقتصادية الهامة، خاصة من الولايات المتحدة، للحصول على مؤشرات أوضح حول السياسة النقدية المستقبلية، والتي ستكون العامل الحاسم في تحديد اتجاه أسعار المعدن النفيس في الفترة القادمة.





