تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا: هل بات الخيار العسكري وشيكاً في أزمة سد النهضة؟
عادت أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى صدارة المشهد الإقليمي بعد تصريحات وتحذيرات متبادلة رفعت من منسوب التوتر بين مصر وإثيوبيا، وأعادت طرح التساؤلات حول إمكانية تحول النزاع الدبلوماسي المستمر منذ سنوات إلى مواجهة مباشرة. وتتمحور الأزمة حول مخاوف مصر والسودان من تأثير السد على حصتهما التاريخية من مياه النيل، والتي تعتبر شريان الحياة لملايين المواطنين، في ظل إصرار إثيوبي على استكمال مراحل ملء وتشغيل السد بشكل أحادي.

خلفية الصراع المائي
تعتبر مياه النيل مسألة أمن قومي بالنسبة لمصر التي تعتمد عليه بنسبة تتجاوز 97% لتلبية احتياجاتها المائية. ومنذ بدء إثيوبيا في بناء سد النهضة عام 2011، وهو أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، دخلت دول المصب (مصر والسودان) في مفاوضات ماراثونية مع أديس أبابا للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد ملء وتشغيل السد. ورغم جولات تفاوضية عديدة برعاية الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وجهات دولية أخرى، لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن. تطالب مصر والسودان باتفاق يضمن تدفقاً آمناً للمياه، خاصة في فترات الجفاف، وآلية واضحة لفض النزاعات، بينما ترى إثيوبيا في هذه المطالب تعدياً على سيادتها وحقها في التنمية.
تصعيد اللهجة والتحذيرات الأخيرة
شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في الخطاب الرسمي، خاصة من الجانب المصري. ففي تصريحات متعددة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مياه النيل "خط أحمر" وأن المساس بها سيكون له تأثير مزعزع لاستقرار المنطقة بأكملها. هذه التحذيرات، التي وصفت بأنها الأقوى حتى الآن، جاءت رداً على عزم إثيوبيا المضي قدماً في عمليات الملء الأحادي لخزان السد دون تنسيق مع دول المصب. من جانبها، ردت إثيوبيا بالتأكيد على أن السد مشروع تنموي لا يهدف إلى الإضرار بأحد، ورفضت ما أسمته "التهديدات"، مشددة على حقها في استغلال مواردها الطبيعية.
هل الخيار العسكري مطروح على الطاولة؟
رغم أن لغة الدبلوماسية لا تزال هي السائدة، فإن تكرار فشل المفاوضات وتصاعد حدة التصريحات أعاد الحديث عن الخيارات الأخرى، بما فيها الخيار العسكري، إلى الواجهة. يرى محللون أن هذا الخيار يظل مستبعداً في المدى المنظور نظراً لتعقيداته وتداعياته الكارثية على استقرار المنطقة، إلا أنه يبقى ورقة ضغط محتملة إذا ما وصلت الأمور إلى تهديد وجودي لمصر. من الناحية العملية، يواجه أي عمل عسكري تحديات لوجستية وجيوسياسية هائلة، فضلاً عن رفض دولي واسع لأي حلول غير سلمية.
- الموقف المصري: تؤكد القاهرة أنها تسعى لحل دبلوماسي، لكنها تحتفظ بجميع الخيارات مفتوحة لحماية أمنها المائي.
 - الموقف الإثيوبي: تتمسك أديس أبابا بالحلول الإفريقية وتعتبر أن السد ضرورة لتحقيق التنمية ومكافحة الفقر.
 - الموقف الدولي: تدعو القوى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل يرضي الجميع.
 
تداعيات الأزمة على استقرار المنطقة
لا تقتصر تداعيات أزمة سد النهضة على الدول الثلاث المعنية مباشرة، بل تمتد لتشمل منطقة القرن الإفريقي وشمال إفريقيا بأكملها. إن استمرار حالة الجمود الدبلوماسي يزيد من مخاطر عدم الاستقرار في منطقة تعاني بالفعل من تحديات أمنية واقتصادية. ويأمل المراقبون أن تتمكن الجهود الدبلوماسية المكثفة من نزع فتيل الأزمة قبل أن تتجه نحو مسارات لا يمكن التنبؤ بعواقبها، مما يحفظ حقوق جميع الأطراف ويحول نهر النيل إلى مصدر للتعاون والتنمية بدلاً من أن يكون سبباً للصراع.




