تصاعد التوتر على الحدود الأفغانية الباكستانية مع سقوط قتلى وجرحى في اشتباكات جديدة
شهدت الساعات الأخيرة تصعيداً عسكرياً خطيراً على الحدود بين أفغانستان وباكستان، وتحديداً عند معبر سبين بولدك-شامان الحيوي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات البلدين. وأسفر تبادل إطلاق النار والقصف المدفعي عن مقتل وإصابة العشرات، معظمهم من المدنيين، مما يزيد من تعقيد العلاقات المتوترة أصلاً بين إسلام أباد وحكومة طالبان في كابول.

آخر التطورات الميدانية
اندلعت المواجهات فجر الأربعاء، وتبادل الطرفان الاتهامات ببدء إطلاق النار. وأفادت مصادر أفغانية في ولاية قندهار أن القوات الباكستانية شنت قصفاً مدفعياً على مناطق سكنية في مديرية سبين بولدك، مما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 15 قتيلاً مدنياً وعشرات الجرحى. في المقابل، ذكر الجيش الباكستاني أن قواته ردت على "نيران غير مبررة" من الجانب الأفغاني استهدفت السكان المدنيين في مدينة شامان بإقليم بلوشستان، متسببة في وقوع خسائر بشرية ومادية. وأدت هذه التطورات إلى إغلاق المعبر الحدودي بشكل كامل، مما أوقف حركة التجارة والمسافرين.
خلفية النزاع الحدودي
لا تعتبر هذه الاشتباكات حدثاً معزولاً، بل هي امتداد لنزاع تاريخي طويل ومعقد يتمحور حول خط ديورند، وهو ترسيم حدودي يعود إلى عام 1893 لم تعترف به أي حكومة أفغانية المتعاقبة. تعتبر كابول هذا الخط فاصلاً مصطنعاً يقسم مجتمعات البشتون على جانبي الحدود. وقد زادت حدة التوتر منذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، حيث تزايدت الخلافات حول قضايا عدة، أبرزها:
- السياج الحدودي: تصر باكستان على استكمال بناء سياج على طول الحدود لمنع التسلل، وهو ما تعتبره طالبان انتهاكاً لسيادة أراضيها.
- الجماعات المسلحة: تتهم إسلام أباد حركة طالبان الأفغانية بتوفير ملاذات آمنة لمقاتلي حركة طالبان باكستان (TTP)، التي تشن هجمات داخل الأراضي الباكستانية.
- إدارة المعابر: غالباً ما تنشب خلافات محلية بين حرس الحدود حول إجراءات العبور، وتتطور بسرعة إلى مواجهات مسلحة.
ردود الفعل الرسمية وتبادل الاتهامات
أصدرت وزارة دفاع حكومة طالبان بياناً أدانت فيه ما وصفته بـ"العدوان الباكستاني"، مؤكدة أن قواتها سترد بحزم على أي هجوم يستهدف الأراضي الأفغانية. وحمّلت السلطات الأفغانية الجانب الباكستاني مسؤولية بدء القتال والتسبب في خسائر بين المدنيين. من جهتها، أكدت باكستان عبر بيانات رسمية أن قواتها مارست أقصى درجات ضبط النفس، وأنها اضطرت للرد لحماية مواطنيها وسيادتها، داعية السلطات في كابول إلى السيطرة على قواتها ومنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تقوض العلاقات الثنائية.
التداعيات الإنسانية والاقتصادية
يتجاوز تأثير هذه الاشتباكات الخسائر العسكرية والدبلوماسية، ليلقي بظلاله الثقيلة على حياة السكان المحليين. يعد معبر سبين بولدك-شامان شرياناً اقتصادياً رئيسياً لأفغانستان غير الساحلية، كما يعتمد عليه آلاف الأشخاص والتجار يومياً لكسب قوتهم. ويؤدي إغلاقه المتكرر إلى شل الحركة التجارية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة بالفعل في المنطقة. كما تتسبب هذه المواجهات في حالة من الخوف والنزوح بين سكان القرى الحدودية، الذين يجدون أنفسهم عالقين في مرمى النيران.





