تصعيد الخلافات بين نتنياهو وبن غفير: تقارير عن خطط إبعاد سياسي
كشفت تقارير حديثة، أبرزها ما نشرته صحيفة معاريف العبرية نقلاً عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن وجود خطة استراتيجية مزعومة تهدف إلى تهميش وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير سياسياً أو إبعاده عن منصبه. تأتي هذه الأنباء في أعقاب فترة من التوترات المتصاعدة والخلافات العلنية وغير العلنية بين الرجلين البارزين داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية، مما يسلط الضوء على الانقسامات العميقة الكامنة تحت سطح تحالفهما الهش.

خلفية التوتر: تحالف الضرورة وخلافات متنامية
يستند الائتلاف الحكومي الحالي، الذي يرأسه حزب الليكود بزعامة نتنياهو، بشكل كبير إلى دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة والدينية، ومن ضمنها حزب القوة اليهودية (عوتسما يهوديت) بزعامة بن غفير. لقد كان المكاسب الانتخابية الكبيرة لحزب بن غفير في السنوات الأخيرة حاسمة في تمكين نتنياهو من تشكيل حكومته، مما أمن لبن غفير حقيبة وزارة الأمن القومي ذات النفوذ الكبير. يُنظر إلى هذا التحالف غالباً على أنه زواج مصلحة سياسية جمع مختلف أطياف اليمين الإسرائيلي المتشدد.
على الرغم من الأيديولوجية اليمينية المشتركة، فقد برزت اختلافات جوهرية في النهج والأولويات بين نتنياهو وبن غفير. يُعرف بن غفير بمواقفه المتشددة التي لا تقبل المساومة في الشؤون الأمنية والقضائية، وقد دفع مراراً باتجاه سياسات أكثر عدوانية وخطاب أكثر حدة، مما تباين أحياناً مع أسلوب حكم نتنياهو الأكثر براغماتية، وإن كان يميل لليمين أيضاً. يُقال إن هذه التباينات قد غذت الاحتكاك خلف الكواليس وتسربت أحياناً إلى الساحة العامة، لا سيما فيما يتعلق بمسائل الإصلاح القضائي، وإدارة الأمن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والاستجابة الحكومية الشاملة للتحديات الأمنية الداخلية. غالباً ما اختبرت مطالب بن غفير الحازمة وتصريحاته العامة المتكررة حدود الانضباط الائتلافي وسلطة نتنياهو.
تفاصيل الخطة المزعومة وتداعياتها المحتملة
تفيد التقارير بأن الخطة الاستراتيجية المزعومة مصممة لتحقيق تهميش بن غفير السياسي أو إقالته في نهاية المطاف. في حين أن الأساليب المحددة لا تزال في إطار التكهنات، فإن مثل هذه المبادرات في السياسة الإسرائيلية غالباً ما تنطوي على تقليص سلطة الوزير من خلال تعديلات تشريعية، أو إعادة توزيع الحقائب الوزارية، أو هندسة ظروف تؤدي إلى استقالته أو إقالته المبررة سياسياً. يشير مصطلح «الانتقام السياسي» الذي استخدمته بعض المصادر إلى جهد محسوب واستراتيجي من قبل معسكر نتنياهو لمواجهة نفوذ بن غفير المتزايد وما يُنظر إليه على أنه تحديات لقيادة رئيس الوزراء وأجندة حزب الليكود الأوسع.
يمكن أن ينبع هذا «الانتقام» المزعوم أيضاً من ضغط بن غفير المستمر على نتنياهو لتبني سياسات أكثر يمينية، والتي، بينما تستهوي شريحة من قاعدة الليكود، قد تعقّد جهود نتنياهو للحفاظ على توازن دقيق مع شركاء الائتلاف الآخرين، وإدارة العلاقات الدولية، أو استمالة شريحة أوسع من الجمهور الإسرائيلي. فقد تسببت مواقف حزبه المتشددة، في بعض الأحيان، في إحداث معضلات لنتنياهو في الموازنة بين مطالب الائتلاف والاعتبارات الوطنية والدولية الأوسع، مما دفع معسكر رئيس الوزراء إلى البحث عن تدابير تصحيحية.
إن الكشف الأولي عن هذه التقارير، التي نُسبت إلى مصادر لم تذكر اسمها مقربة من نتنياهو ونشرتها صحيفة معاريف، يؤكد جدية الصراعات الداخلية على السلطة ضمن كتلة الليكود الحاكمة وشركائها. يشير الكشف العام عن مثل هذه الخطة، حتى لو كانت مزعومة، إلى مستوى كبير من الخلاف الداخلي.
الأهمية السياسية وانعكاسات الاستقرار الحكومي
يحمل هذا الصراع الداخلي المتكشف تداعيات كبيرة على استقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية. فالحكومة التي تواجه بالفعل تحديات داخلية وخارجية كبيرة، بما في ذلك النقاشات المستمرة حول الإصلاح القضائي، والبيئة الأمنية المعقدة، والضغوط الاقتصادية، يمكن أن تتزعزع استقرارها بشكل أكبر بسبب انشقاق كبير بين شخصياتها القيادية. إن احتمال إزاحة أو إضعاف شريك ائتلافي رئيسي مثل حزب القوة اليهودية قد يهدد الأغلبية البرلمانية للحكومة، مما قد يؤدي إلى تصويت بحجب الثقة، أو انتخابات مبكرة، أو إعادة ترتيب كبيرة للقوى السياسية.
إلى جانب استقرار الحكومة الفوري، يسلط الوضع الضوء على الديناميكيات المعقدة داخل الطيف السياسي اليميني في إسرائيل والتحديات التي يواجهها نتنياهو في إدارة ائتلاف متنوع وغالباً ما يكون متطلباً. يمكن أن يعيد تشكيل التحالفات، ويؤثر على الاستراتيجيات الانتخابية المستقبلية، وربما يؤثر على اتجاه سياسات البلاد بشأن القضايا الحاسمة مثل الأمن القومي، والحوكمة القضائية، والعلاقات مع السلطة الفلسطينية. سيراقب الجمهور، إلى جانب المراقبين السياسيين، عن كثب أي إجراءات أو تصريحات رسمية ملموسة تؤكد أو تنفي هذه التقارير المتداولة على نطاق واسع، حيث ستشكل النتيجة بلا شك مستقبل السياسة الإسرائيلية.
لقد تكثفت التوترات المذكورة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبلغت ذروتها في هذه الكشوفات الأخيرة. لا يزال الإطار الزمني لأي إجراءات ملموسة ناتجة عن هذه الخطة المزعومة، التي وصفها بعض المصادر مجازاً بأنها تنتظر «ساعة الصفر»، غير مؤكد، مما يشير إلى وضع سياسي مستمر ومتغير ومن المحتمل أن يكون متقلباً.


