تفاصيل صفقة تبادل الأسرى: مقترح يشمل الإفراج عن 195 فلسطينياً من أصحاب المؤبدات
في خضم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي شهدتها المنطقة أواخر عام 2023 ومطلع 2024، برزت تفاصيل مقترحات متعددة لإبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة دولية تقودها قطر ومصر والولايات المتحدة. تمحورت هذه المفاوضات حول إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة مقابل الإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ومن ضمن البنود التي تم تداولها على نطاق واسع، مقترح يتعلق بالإفراج عن 195 أسيراً فلسطينياً من المحكومين بالسجن المؤبد، وهو ما يمثل نقطة محورية وحساسة في مسار المباحثات.

خلفية المفاوضات وسياقها
تأتي هذه المفاوضات في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، وما تلاه من حرب إسرائيلية على قطاع غزة واحتجاز عشرات الإسرائيليين. وبعد هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر 2023 تم خلالها تبادل محدود للأسرى والمحتجزين، استمرت الجهود للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً يهدف إلى إنهاء أزمة المحتجزين وربما وقف إطلاق النار بشكل دائم. تركزت المباحثات الجديدة على بنود أكثر تعقيداً، نظراً لتصنيف المحتجزين المتبقين، والذين يضمون جنوداً، ومطالبة حماس بالإفراج عن أسرى فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية.
تفاصيل المقترح المطروح
بحسب تقارير إعلامية وتسريبات من مصادر مطلعة على سير المفاوضات، فإن الإطار العام للصفقة المقترحة يقوم على تنفيذها عبر عدة مراحل مترابطة. تضمنت هذه المراحل بنوداً رئيسية تهدف إلى بناء الثقة والوصول إلى حل شامل، ومن أبرز ملامحها:
- المرحلة الأولى: تشمل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من المدنيين، وتحديداً النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من النساء والقاصرين، بالإضافة إلى هدنة إنسانية مؤقتة تتراوح بين عدة أيام إلى أسابيع للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
 - المراحل اللاحقة: ترتبط هذه المراحل بالجزء الأكثر تعقيداً من الصفقة، وهو تبادل الجنود الإسرائيليين المحتجزين، الأحياء منهم ومن فارقوا الحياة، مقابل الإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين أصحاب الأحكام الطويلة، وعلى رأسهم 195 أسيراً محكوماً بالسجن المؤبد بتهم تتعلق بتنفيذ هجمات أدت إلى مقتل إسرائيليين.
 - شروط مصاحبة: ربطت حركة حماس موافقتها على المراحل المتقدمة من الصفقة بضرورة التوصل إلى اتفاق واضح حول وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهو ما شكل نقطة الخلاف الجوهرية.
 
أهمية الصفقة وتحدياتها
تكتسب هذه الصفقة المقترحة أهمية بالغة لكافة الأطراف المعنية. فمن الجانب الإسرائيلي، يمثل الإفراج عن المحتجزين أولوية قصوى وضغطاً شعبياً وسياسياً هائلاً على الحكومة. أما بالنسبة للفلسطينيين، فإن تحرير المئات من الأسرى، خاصة أولئك الذين قضوا عقوداً في السجون، يُعتبر إنجازاً وطنياً كبيراً ومطلباً مركزياً للفصائل الفلسطينية. ومع ذلك، واجهت المفاوضات تحديات هائلة، حيث اعتبرت الحكومة الإسرائيلية، وتحديداً الأطراف اليمينية المتشددة فيها، أن الإفراج عن أسرى متهمين بالقتل يمثل خطراً أمنياً وتنازلاً غير مقبول، بينما أصرت حماس على أن أي اتفاق يجب أن يضمن إنهاء الحرب بشكل كامل، وهو ما رفضته إسرائيل التي أكدت على استمرار عملياتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها المعلنة.
الوضع الراهن للمفاوضات
حتى مطلع عام 2024، ظلت المفاوضات تراوح مكانها بين جولات من التفاؤل والتشاؤم، مع استمرار المباحثات غير المباشرة. ورغم تقديم الوسطاء لصيغ متعددة ومقترحات معدلة، بقيت الفجوة واسعة بين مطالب الطرفين الأساسية، مما جعل مصير الصفقة، ومصير الأسرى والمحتجزين على حد سواء، مرتبطاً بشكل وثيق بمسار التطورات الميدانية والضغوط السياسية الداخلية والدولية على كل من إسرائيل وحماس.




