تمديد مهلة إخلاء شقق الإيجار القديم: أكثر من 7 سنوات بشروط مستجدة
يشكل ملف الإيجار القديم في مصر نقطة خلاف مجتمعية طويلة الأمد، حيث يؤثر على ملايين المستأجرين والملاك على حد سواء. وفي الآونة الأخيرة، تزايدت التكهنات والنقاشات حول مستقبل شقق الإيجار القديم السكنية، خاصة فيما يتعلق بمهلة الإخلاء وإمكانية تمديدها لتجاوز السبع سنوات في ظروف وشروط محددة. تأتي هذه المستجدات في سياق جهود الدولة المستمرة لمعالجة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهذا القانون، ومحاولة إيجاد توازن بين حقوق جميع الأطراف المتأثرة.

خلفية قانون الإيجار القديم وتحدياته
تعود جذور قانون الإيجار القديم إلى تشريعات صدرت في منتصف القرن الماضي، وتهدف في الأساس إلى توفير الاستقرار السكني للمواطنين في فترات تاريخية معينة. بموجب هذه القوانين، تم تحديد قيمة إيجارية منخفضة للغاية للوحدات السكنية، مع منح المستأجرين حق الانتفاع شبه الدائم، مما يعني بقاءهم في العقار لفترات طويلة جدًا، وقد يمتد هذا الحق إلى الورثة. على مر العقود، أدت هذه التشريعات إلى تشوهات كبيرة في سوق العقارات، حيث شعر العديد من الملاك بالحرمان من حقوقهم في استغلال ممتلكاتهم بأسعار السوق العادلة، بينما وجد ملايين المستأجرين أنفسهم في مأزق مالي واجتماعي مع أي حديث عن إنهاء هذه العقود.
على الرغم من التعديلات الجزئية التي طرأت على القانون عبر السنوات، فإن القضية ظلت معقدة. وقد شهد عام 2022 صدور القانون رقم 10 لسنة 2022، الذي عالج بشكل رئيسي عقود الإيجار القديم للوحدات غير السكنية (التجارية والإدارية والمهنية والصناعية). نص هذا القانون على فترة سماح مدتها خمس سنوات لإنهاء هذه العقود، والتي تُحتسب من تاريخ العمل بالقانون. وقد فُسرت هذه الفترة في بعض الأحيان على أنها قد تصل إلى سبع سنوات في مجملها، مع نهاية مهلة الإخلاء في مارس 2027 لهذه الوحدات تحديدًا. ومع ذلك، فإن الوضع بالنسبة للشقق السكنية ظل يمثل تحديًا أكبر، حيث لم يتضمن القانون الأخير نصوصًا مماثلة لإنهاء عقود الإيجار السكنية بنفس الآلية، مما ترك ملايين الأسر في حالة من الترقب والقلق.
مقترحات وتطورات مهلة الإخلاء للشقق السكنية
في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها مستأجرو الشقق السكنية ذات الإيجار القديم، برزت في الفترة الأخيرة نقاشات ومقترحات جدية تدعو إلى النظر في آلية أكثر مرونة لإدارة ملف الإخلاء. وتتمحور هذه المقترحات حول إمكانية تمديد مهلة الإخلاء المتوقعة، أو تلك التي قد تُحدد مستقبلاً، لتتجاوز فترة السبع سنوات، ولكن وفقًا لشروط ومعايير دقيقة تهدف إلى حماية الفئات الأكثر ضعفاً.
تهدف هذه التطورات إلى توفير حلول اجتماعية وإنسانية للمستأجرين الذين قد لا يمتلكون القدرة على تدبير سكن بديل بأسعار السوق الحالية. ومن أبرز الشروط والمعايير المطروحة للنقاش، والتي قد تحكم تمديد مهلة الإخلاء، ما يلي:
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمستأجر: يُنظر في هذه النقطة إلى قدرة المستأجر المالية على تحمل تكاليف الإيجار الجديد أو شراء وحدة سكنية. حيث قد تُمنح الأولوية للتمديد للفئات محدودة الدخل أو الأسر التي لا يتجاوز دخلها حداً معيناً.
- عدد أفراد الأسرة المقيمين بالوحدة: قد يُؤخذ في الاعتبار حجم الأسرة وحاجتها الملحة لمساحة معينة، خاصة إذا كانت تضم أطفالاً أو كبار سن يحتاجون إلى استقرار.
- عدم توافر سكن بديل مناسب: سيتم تقييم ما إذا كان المستأجر لديه خيارات أخرى للسكن الميسور التكلفة أو إذا كان يواجه صعوبة بالغة في إيجاد بديل مناسب له ولأسرته.
- الحالات الإنسانية الخاصة: قد تُدرج ضمن الشروط حالات المرض المزمن، أو الإعاقة، أو الظروف القاهرة التي تجعل عملية الانتقال صعبة أو مستحيلة خلال فترة قصيرة.
- تاريخ انتهاء عقد الإيجار الأصلي وتاريخ شغل الوحدة: قد تختلف المعاملة بناءً على مدى طول فترة إقامة المستأجر في الوحدة، بحيث تُمنح الأولوية للمستأجرين الذين شغلوا الوحدة لعقود طويلة.
الدور الحكومي ومبادرات توفير السكن البديل
إدراكًا منها لعمق الأزمة الاجتماعية المرتبطة بقانون الإيجار القديم، تلتزم الحكومة المصرية بلعب دور محوري في التخفيف من حدة هذه القضية. تتجه الجهود الحكومية نحو توفير حلول مستدامة تتجاوز مجرد التمديد الزمني، لتشمل مبادرات لتوفير وحدات سكنية بديلة للفئات غير القادرة على تحمل تكاليف الإيجار الحر أو تملك العقارات.
تشمل هذه المبادرات: توجيه جزء من مشاريع الإسكان الاجتماعي نحو مستأجري الإيجار القديم الأكثر احتياجًا، وتقديم تسهيلات ائتمانية أو دعم مباشر لتأجير وحدات بديلة. الهدف هو ضمان انتقال سلس ومنظم لهذه الأسر، بعيداً عن التشرد أو التعرض لضغوط اقتصادية لا يمكن تحملها. ويتم التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية والوزارات المعنية، مثل وزارة الإسكان والتنمية العمرانية ووزارة التضامن الاجتماعي، لتحديد آليات التنفيذ وتحديد المستحقين لهذه المساعدات، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية قدر الإمكان.
التأثيرات المتوقعة والآفاق المستقبلية
إن تطبيق أي تمديد لمهلة إخلاء شقق الإيجار القديم، بشروط محددة، من شأنه أن يخلف تأثيرات واسعة النطاق. على المدى القصير، سيوفر هذا التمديد راحة نفسية واستقراراً لملايين الأسر التي كانت تعيش تحت وطأة الترقب. أما على المدى الطويل، فقد يساهم في إحداث توازن تدريجي في سوق العقارات، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ مما يأمله بعض الملاك.
تستمر النقاشات في الأوساط البرلمانية والخبراء القانونيين والاقتصاديين حول أفضل السبل لتحقيق هذا التوازن. يمثل هذا التوجه محاولة لمراعاة البعد الاجتماعي والإنساني في قضية قانونية واقتصادية معقدة، ويسعى إلى تجنب أي تفكك أسري أو أزمات سكنية حادة قد تنجم عن التطبيق الصارم لأحكام الإخلاء. مع اقتراب فترات السماح المحددة لبعض الوحدات، يتزايد التركيز على وضع إطار قانوني واضح ومرن لمستقبل شقق الإيجار القديم السكنية، يضمن حقوق الجميع ويراعي الظروف الخاصة للفئات الأكثر تأثراً.





