تونس تفوز بسداسية بتصفيات كأس العالم 2026
أكد المنتخب التونسي لكرة القدم مكانته كقوة كروية إقليمية بفوزه الكبير والمقنع على مضيفه منتخب ساو تومي وبرينسيبي بنتيجة ستة أهداف دون رد، في المباراة التي أقيمت يوم الجمعة، 7 يونيو 2024. هذه المواجهة كانت ضمن الجولة الثالثة من التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2026، واستضافها ملعب حمادي العقربي في رادس التونسية. لم يكتفِ هذا الانتصار بتعزيز صدارة "نسور قرطاج" لمجموعتهم فحسب، بل دفعهم بخطوات ثابتة نحو حلم التأهل للمونديال للمرة السابعة في تاريخهم الكروي، مؤكدين طموحهم في تمثيل القارة الأفريقية على الساحة العالمية.

تفاصيل المباراة والأداء التونسي الباهر
شهدت المباراة سيطرة تونسية مطلقة منذ صافرة البداية، حيث فرض لاعبو المنتخب الوطني إيقاعهم الخاص على مجريات اللعب ولم يتركوا لخصمهم أي فرصة للمجاراة. افتتح اللاعب الموهوب حمزة رفيعة باب التسجيل مبكرًا في الدقيقة الخامسة، مستفيدًا من تمريرة متقنة ليضع الكرة في الشباك. لم يمر وقت طويل حتى عزز إلياس عاشوري النتيجة بالهدف الثاني في الدقيقة السادسة عشرة، بفضل مهارة فردية وتصويبة دقيقة. وقبل نهاية الشوط الأول، تمكن القائد ياسين مرياح من تسجيل الهدف الثالث من ركلة جزاء نفذها بنجاح في الدقيقة الثانية والثلاثين، ليؤكد تفوق المنتخب التونسي المطلق مع انتهاء الشوط الأول بثلاثية نظيفة ومريحة.
في الشوط الثاني، استمرت الهيمنة التونسية ولم تتراجع حدة الهجمات. عزز المهاجم النشيط سيف الدين الجزيري النتيجة بالهدف الرابع في الدقيقة الثالثة والخمسين، مستغلًا ارتباك دفاع ساو تومي. ولم يكتفِ اللاعبون التونسيون بذلك، حيث سجل البديل محمد علي بن رمضان الهدف الخامس في الدقيقة الثامنة والسبعين بعد دخوله كبديل، مضيفًا لمسة فنية للتسجيل. واختتم الوافد الجديد سيف الله لطيف مهرجان الأهداف بتسجيله الهدف السادس في الدقيقة السابعة والثمانين، لتنتهي المباراة بنتيجة 6-0، عاكسة الفارق الكبير في المستوى بين المنتخبين والتزام لاعبي تونس بتحقيق نتيجة كبيرة. أظهرت المباراة انسجامًا كبيرًا بين اللاعبين وفعالية عالية للخط الهجومي، مما بعث برسائل طمأنة للجهاز الفني بقيادة منتصر الوحيشي والجماهير التونسية.
أهمية الفوز والسياق التنافسي
يحمل هذا الفوز الباهر أهمية قصوى للمنتخب التونسي في إطار سعيه للتأهل لكأس العالم 2026. تقع تونس ضمن المجموعة الثامنة، وهي مجموعة تضم فرقًا منافسة مثل ناميبيا، غينيا الاستوائية، مالاوي، وليبيريا. بهذا الانتصار، رفعت تونس رصيدها إلى تسع نقاط من ثلاث مباريات، محققة العلامة الكاملة ومفردة بالصدارة بفارق مريح عن أقرب منافسيها. التأهل المباشر للبطولة يتطلب إنهاء التصفيات في صدارة المجموعة، وهو ما تسعى إليه تونس بقوة لتجنب تعقيدات مرحلة الملحق التي قد تكون محفوفة بالمخاطر. النتيجة الكبيرة أيضًا تساهم بشكل فعال في تعزيز فارق الأهداف، وهو عامل قد يكون حاسمًا في تحديد المتأهل في حال تعادل النقاط مع أي منافس آخر في نهاية التصفيات، مما يضيف بعدًا استراتيجيًا لهذا الفوز.
مسار تونس في التصفيات وخلفيتها التاريخية
يخوض المنتخب التونسي هذه التصفيات بطموح كبير لإعادة سيناريو النجاح الذي قاده للتأهل لمونديال قطر 2022، ومحو الصورة الباهتة التي تركها الفريق في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة والتي شهدت إقصاءً مبكرًا من دور المجموعات. بدأت حملة تونس في التصفيات بشكل إيجابي، حيث حققت فوزين على التوالي قبل هذه المباراة، الأول على مالاوي (1-0) والثاني على ساو تومي وبرينسيبي (1-0) في جولة سابقة، مما منح اللاعبين دفعة معنوية قوية. تحت قيادة المدرب المؤقت منتصر الوحيشي، ينصب التركيز على بناء فريق متوازن يجمع بين الخبرة التي يمثلها لاعبون كبار والشباب الواعد، قادر على المنافسة على أعلى المستويات الكروية. تاريخيًا، تونس من أكثر المنتخبات الأفريقية تأهلاً لكأس العالم، وقد شاركت في ست نسخ سابقة (1978، 1998، 2002، 2006، 2018، 2022)، وهذا الإرث الكروي يضع ضغطًا إيجابيًا على اللاعبين والجهاز الفني لتحقيق الإنجاز مجددًا والتأهل للمرة السابعة في تاريخهم.
نظام تصفيات كأس العالم 2026 في القارة الأفريقية
تأتي تصفيات كأس العالم 2026 بنظام جديد وموسع، حيث سيشارك 48 منتخبًا لأول مرة في تاريخ البطولة العالمية، مما يزيد من حجم المنافسة والإثارة. خصص الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تسعة مقاعد مباشرة لقارة أفريقيا، وهو رقم غير مسبوق، بالإضافة إلى مقعد إضافي من خلال الملحق القاري. تتنافس المنتخبات الأفريقية ضمن تسع مجموعات، حيث يتأهل أصحاب المراكز الأولى في كل مجموعة مباشرة إلى المونديال. أما أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثاني، فستلعب فيما بينها دورة فاصلة لتحديد فريق واحد يتأهل للمشاركة في الملحق العالمي. هذا الملحق العالمي سيضم منتخبات من قارات أخرى للتنافس على المقاعد المتبقية في البطولة. هذا النظام الجديد يزيد من فرص المنتخبات الأفريقية في التأهل، ويجعل كل نقطة مكتسبة وكل هدف مسجل ذا قيمة كبيرة في مشوار التصفيات الطويل والشاق.
ردود الفعل والتطلعات المستقبلية
عقب نهاية المباراة، عبر المدرب منتصر الوحيشي عن سعادته العارمة بالأداء القوي والنتيجة الكبيرة التي حققها فريقه، مشيدًا بالروح القتالية العالية والتركيز الشديد الذي أظهره اللاعبون طوال التسعين دقيقة. وأكد الوحيشي أن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح، لكنه شدد على أن المشوار لا يزال طويلاً ويتطلب المزيد من الجهد والتركيز في المباريات القادمة لتأمين التأهل. من جانبهم، أعرب عدد من اللاعبين عن تفاؤلهم بقدرة الفريق على تحقيق حلم التأهل، مؤكدين أنهم سيبذلون قصارى جهدهم في المباريات المتبقية.
تنتظر المنتخب التونسي مواجهة أخرى هامة وحاسمة ضد منتخب ناميبيا يوم الثلاثاء، 11 يونيو 2024. ستكون هذه المباراة تحديًا كبيرًا لترسيخ صدارة المجموعة وتوسيع الفارق عن أقرب المنافسين، خاصة وأن ناميبيا تُعد من الفرق التي أظهرت تطورًا ملحوظًا. الفوز في هذه المباراة سيعزز بشكل كبير حظوظ تونس في التأهل المباشر وسيمثل خطوة عملاقة نحو ضمان مكان في مونديال 2026. يستمر العمل الجاد في المعسكر الإعدادي لضمان جاهزية جميع اللاعبين لهذا التحدي القادم، مع التركيز على الاستمرارية في الأداء والنتائج الإيجابية لإنهاء التصفيات بأفضل شكل ممكن.





