جامعة الإمارات تستكمل جاهزية إطلاق قمرها الاصطناعي "العربي 813"
في خطوة تعكس التطور المتسارع للقدرات الفضائية لدولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت جامعة الإمارات مؤخرًا عن اكتمال جميع الاستعدادات الفنية واللوجستية لإطلاق قمرها الاصطناعي التعليمي البحثي، الذي يحمل اسم "العربي 813". من المقرر أن يتم الإطلاق المرتقب خلال الربع الأخير من عام 2025، وهو ما يمثل إنجازًا بارزًا في مسيرة الجامعة نحو تعزيز البحث العلمي وتأهيل الكوادر الوطنية في مجال الفضاء.

الخلفية وأهمية المشروع
يأتي هذا المشروع الطموح ضمن رؤية الإمارات الاستراتيجية لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي ودولي رائد في قطاع الفضاء. وتضطلع جامعة الإمارات بدور محوري في هذه الرؤية من خلال مركزها الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، الذي يمثل حاضنة للابتكار والأبحاث التطبيقية. إن تطوير قمر اصطناعي محليًا ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو دلالة على النمو المتزايد للمعرفة والخبرة المتراكمة داخل المؤسسات الأكاديمية الإماراتية، ويؤكد التزام الدولة ببناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والعلوم المتقدمة.
يهدف إطلاق القمر "العربي 813" إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، منها:
- توفير منصة بحثية متقدمة لطلاب وباحثي الجامعة لإجراء تجارب في بيئة الفضاء الحقيقية.
- تعزيز القدرات الوطنية في تصميم، تصنيع، اختبار، وتشغيل الأقمار الاصطناعية.
- المساهمة في جمع البيانات العلمية المتعلقة بالبيئة والمناخ والموارد الطبيعية لدعم التنمية المستدامة.
- تحفيز الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) بين الشباب الإماراتي.
تفاصيل القمر الاصطناعي ومهمته
تم تصميم وتطوير "القمر الاصطناعي العربي 813" بالكامل في المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بجامعة الإمارات، مما يجسد قدرات المهندسين والباحثين الإماراتيين. على الرغم من أن التفاصيل التقنية الدقيقة لحمولته لم يتم الكشف عنها بالكامل، إلا أنه من المتوقع أن يركز على المهام البحثية والتعليمية. سيشمل ذلك على الأرجح استشعارًا عن بعد للأرض، وجمع بيانات حول الغلاف الجوي، واختبار تقنيات اتصالات جديدة، بالإضافة إلى إتاحة فرص لطلاب الهندسة وعلوم الفضاء لاكتساب خبرة عملية لا تقدر بثمن في جميع مراحل المشروع، بدءًا من التصميم وحتى ما بعد الإطلاق والتشغيل.
ويعكس اسم القمر "العربي 813" توجهًا نحو إبراز الهوية العربية في الفضاء، وتأكيدًا على دور الإمارات الريادي في النهضة العلمية بالمنطقة. يُعد هذا القمر خطوة أساسية نحو تطوير أجيال مستقبلية من الأقمار الاصطناعية الإماراتية، والتي ستخدم أغراضًا أوسع نطاقًا في مجالات متعددة.
مسار التطوير والاستعدادات
مر مشروع تطوير "القمر الاصطناعي العربي 813" بمراحل متعددة ودقيقة لضمان جاهزيته القصوى. بدأت هذه المراحل بالتصميم الأولي واختيار المكونات، مرورًا بمراحل التصنيع والتجميع الدقيقة داخل مختبرات المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء. وقد خضع القمر لسلسلة مكثفة من الاختبارات الوظيفية والبيئية والميكانيكية في ظروف تحاكي بيئة الفضاء القاسية. تضمنت هذه الاختبارات التأكد من قدرة القمر على تحمل الاهتزازات المصاحبة لعملية الإطلاق، والتعرض لدرجات الحرارة القصوى، والفراغ، والإشعاع في المدار. وقد أكدت التقارير الفنية أن جميع الأنظمة الفرعية للقمر تعمل بكفاءة عالية، وأن الفريق الفني قد استكمل جميع البروتوكولات المطلوبة لضمان نجاح الإطلاق والتشغيل اللاحق.
تمثل عملية الإعداد للإطلاق مرحلة حاسمة، حيث تتضمن التنسيق مع الشركاء الدوليين المتخصصين في خدمات الإطلاق، وإجراء المراجعات النهائية لأنظمة التحكم الأرضية التي ستتولى مراقبة وتشغيل القمر بعد وصوله إلى مداره المحدد في الربع الأخير من عام 2025.
الأهداف الاستراتيجية والتطلعات المستقبلية
يُعد إطلاق "القمر الاصطناعي العربي 813" حجر الزاوية في بناء قدرات مستدامة في قطاع الفضاء الإماراتي، ويعزز مكانة جامعة الإمارات كمركز للتميز البحثي والابتكاري. هذا المشروع لا يقتصر تأثيره على الجانب العلمي فحسب، بل يمتد ليشمل تطوير رأس المال البشري، حيث يوفر فرصًا تدريبية فريدة للجيل الجديد من علماء ومهندسي الفضاء. كما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الأكاديمي والصناعي على الصعيدين المحلي والدولي، ويساهم في تحقيق أهداف الأجندة الوطنية لدولة الإمارات 2071، التي تركز على الريادة في العلوم والتكنولوجيا المتقدمة.
تتطلع جامعة الإمارات من خلال هذا الإنجاز إلى إلهام الأجيال القادمة وتشجيعهم على الانخراط في مجالات العلوم الفضائية، والمساهمة في بناء مستقبل مزدهر لدولة الإمارات العربية المتحدة في مصاف الدول الرائدة عالميًا في استكشاف الفضاء والاستفادة منه لخدمة البشرية.





