جدل سياسي بعد نشر قوات من حرس تكساس في شيكاغو دون موافقة السلطات المحلية
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في أوائل عام 2021، تم نشر حوالي 200 جندي من الحرس الوطني لولاية تكساس في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي، بهدف حماية الممتلكات الفيدرالية. جاء هذا الانتشار في أعقاب التوترات التي سادت البلاد بعد الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير، وفي ظل مخاوف من اضطرابات محتملة خلال الفترة المحيطة بتنصيب الرئيس جو بايدن. إلا أن العملية تمت دون إبلاغ أو طلب من السلطات المحلية في إلينوي، مما أدى إلى ردود فعل غاضبة من حاكم الولاية وعمدة شيكاغو، مسلطاً الضوء على الانقسامات السياسية والتعقيدات المتعلقة بصلاحيات استخدام القوات العسكرية على الأراضي الأمريكية.

خلفية التوتر والانتشار الوطني
جاء قرار نشر القوات في شيكاغو كجزء من عملية أمنية واسعة النطاق شملت جميع أنحاء الولايات المتحدة. فبعد أحداث الكابيتول، أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تحذيرات من احتجاجات مسلحة محتملة في عواصم الولايات الخمسين وفي واشنطن العاصمة. استجابة لذلك، تم تفعيل آلاف من أفراد الحرس الوطني في مختلف الولايات لتأمين المباني الحكومية والبنية التحتية الحيوية. كانت المهمة الأساسية لهذه القوات هي دعم أجهزة إنفاذ القانون المحلية والفيدرالية وتوفير وجود أمني رادع لمنع تكرار أعمال العنف.
تفاصيل العملية وردود الفعل المحلية
تم إرسال الجنود من الحرس الوطني في تكساس إلى شيكاغو بموجب أوامر فيدرالية، مما يعني أنهم كانوا يعملون تحت سلطة الحكومة الفيدرالية وليس تحت سلطة ولاية تكساس أو إلينوي. كانت مهمتهم محددة وواضحة: توفير الأمن للمواقع الفيدرالية، دون أن يكون لهم دور مباشر في إنفاذ القانون أو التعامل مع الجمهور. ومع ذلك، كان غياب التنسيق مع المسؤولين المحليين هو السبب الرئيسي للاحتجاج.
أعرب حاكم ولاية إلينوي، الديمقراطي جي بي بريتزكر، عن استيائه الشديد، مؤكداً أنه لم يتم إبلاغه بالانتشار مسبقاً ولم يطلب أي مساعدة من هذا النوع. وأشار إلى أن الولاية لديها ما يكفي من الموارد، بما في ذلك شرطة الولاية والحرس الوطني الخاص بإلينوي، للتعامل مع أي تهديدات أمنية. وبالمثل، صرحت عمدة شيكاغو آنذاك، لوري لايتفوت، بأنها فوجئت بالخبر ورفضت بشدة وجود قوات عسكرية في مدينتها دون طلب أو موافقة منها، معتبرة الخطوة بأنها غير ضرورية وتزيد من التوترات.
الأبعاد السياسية والقانونية للقضية
سلط الحادث الضوء على الإطار القانوني المعقد الذي يحكم عمل الحرس الوطني. فعندما يتم تفعيل الحرس الوطني بموجب أوامر فيدرالية (مثل Title 10 أو Title 32)، يكون الرئيس الأمريكي هو القائد الأعلى، ويمكن نشر القوات في أي مكان داخل البلاد لحماية المصالح الفيدرالية. في هذه الحالة، لا تكون موافقة حاكم الولية المستقبلة للقوات مطلوبة قانونياً. وعلى الرغم من صحة الإجراء من الناحية القانونية، إلا أنه أثار تساؤلات سياسية وأخلاقية حول ضرورة التنسيق بين المستويات الحكومية المختلفة.
فاقم الانقسام الحزبي من حدة الجدل، حيث أن القوات جاءت من ولاية يقودها حاكم جمهوري (جريج أبوت من تكساس) إلى ولاية ومدينة يقودهما ديمقراطيون. ورأى بعض المحللين أن هذا الوضع يعكس حالة انعدام الثقة المتزايدة بين الإدارات السياسية المختلفة، خاصة في فترة كانت تشهد استقطاباً سياسياً حاداً في البلاد.
الأهمية والتأثير
تكمن أهمية هذه الواقعة في أنها كشفت عن نقاط ضعف في آليات التواصل والتعاون بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، خاصة في أوقات الأزمات. لقد أظهرت كيف يمكن لقرارات أمنية، حتى لو كانت مبررة من منظور فيدرالي، أن تُحدث صداماً سياسياً وتُقابل بالرفض على المستوى المحلي إذا لم يتم التعامل معها بحساسية وتنسيق. مرت فترة انتشار القوات دون وقوع حوادث تذكر، وعاد الجنود بعد انتهاء مهمتهم، لكن الجدل الذي أثارته العملية ظل بمثابة دراسة حالة حول تحديات إدارة الأمن الداخلي في نظام فيدرالي معقد.





