جدل سياسي في إسرائيل بسبب منصب رفيع مقترح لنجل نتنياهو
شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية، خلال أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024، حالة من الجدل الواسع عقب تداول تقارير إعلامية حول مقترح لتعيين يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في منصب حكومي رفيع. أثار هذا المقترح نقاشاً حاداً حول اتهامات بالمحسوبية والنفوذ السياسي لعائلة رئيس الوزراء في إدارة شؤون الدولة.

خلفية الجدل
يُعد يائير نتنياهو شخصية بارزة ومثيرة للجدل في إسرائيل منذ سنوات. يُعرف بحضوره القوي والمثير للنزاع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث دخل في سجالات علنية متكررة مع صحفيين وسياسيين ونشطاء. ويرى منتقدوه أنه يساهم في تعميق الاستقطاب في المجتمع. لطالما كان مدى تأثيره، سواء كان حقيقياً أو متصوراً، على قرارات والده موضوعاً للنقاش والتدقيق الإعلامي. وتفاقمت حدة الجدل المحيط به بسبب إقامته في ميامي بالولايات المتحدة خلال الحرب في غزة، وهو قرار أثار غضباً شعبياً واسعاً في وقت تم فيه استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط للخدمة الفعلية.
تفاصيل المنصب المقترح
وفقاً لمصادر إعلامية متعددة، فإن المقترح الذي تردد أن شخصيات من داخل حزب الليكود قد طرحته، كان يهدف إلى استحداث منصب خاص ليائير نتنياهو داخل مكتب رئيس الوزراء. وعلى الرغم من أن المسمى الوظيفي الدقيق لم يكن واضحاً في جميع التقارير، فقد تم وصفه غالباً بأنه دور يركز على الدبلوماسية العامة أو ما يعرف بـ «الهسبراه»، أو كـ «مبعوث خاص». والأهم من ذلك، قيل إن هذا المنصب سيمنح صاحبه صلاحيات ومزايا تعادل رتبة وزير أو مدير عام وزارة، مما يمنحه سلطة ونفوذاً كبيرين.
ردود الفعل والانتقادات
قوبل مجرد طرح فكرة هذا التعيين بمعارضة فورية وشديدة من مختلف أطياف المشهد السياسي، بالإضافة إلى المحللين والجمهور. وأكد المنتقدون أن هذه الخطوة، لو تمت، لكانت تجسيداً لتجاهل صارخ لمعايير الحوكمة الرشيدة والأخلاق المهنية. تركزت الانتقادات الرئيسية حول عدة نقاط:
- اتهامات بالمحسوبية وتضارب المصالح: اعتبر المعارضون المقترح حالة واضحة من المحسوبية، مؤكدين أن المنصب يُخلق خصيصاً لنجل رئيس الوزراء بسبب روابطه العائلية وليس بناءً على الكفاءة أو الجدارة.
- غياب الخبرة الكافية: أثيرت تساؤلات جدية حول مؤهلات يائير نتنياهو وخبرته المهنية لتولي منصب بهذه الأهمية، خاصة في مجال الدبلوماسية الدولية الذي يتطلب مهارات متخصصة.
- شخصية مثيرة للانقسام: أعرب الكثيرون عن قلقهم من أن تعيين شخصية استقطابية ومعروفة بمواقفها الحادة في منصب عام من شأنه أن يضر بصورة إسرائيل الدولية بدلاً من تحسينها.
- التوقيت الحساس: اعتُبر توقيت طرح هذا النقاش، في خضم أزمة وطنية وحالة حرب، أمراً غير لائق ويعكس انفصالاً بين القيادة السياسية والمزاج العام السائد في البلاد.
الأهمية والسياق السياسي
تكمن أهمية هذه الواقعة في كونها تتلاقى مع انتقادات أوسع ومستمرة موجهة لأسلوب حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. تشمل هذه الانتقادات اتهامات بطمس الحدود الفاصلة بين الشؤون العائلية الخاصة وشؤون الدولة، وتغليب الولاء الشخصي على الكفاءة المهنية في التعيينات الرسمية. بالنسبة للعديد من الإسرائيليين، جاء مقترح تعيين يائير نتنياهو ليكون رمزاً قوياً لهذه الإشكاليات المتصورة.
على الرغم من أن المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء قللوا من شأن هذه التقارير ولم يتم أي تعيين رسمي في نهاية المطاف، إلا أن النقاش العام الذي أثاره المقترح سلط الضوء مجدداً على الانقسامات السياسية العميقة في إسرائيل. وقد عززت هذه الحادثة رواية منتقدي نتنياهو حول ما يصفونه بـ «النفوذ غير المبرر» لعائلته على إدارة شؤون الدولة، مما زاد من تأجيج التوترات السياسية التي ميزت فترات حكمه الأخيرة.





