جريمة بورسعيد: طفل يقتل زميله تقليدًا للعبة إلكترونية ويثير جدلاً واسعًا
في حادثة مأساوية هزت الشارع المصري في أوائل نوفمبر 2023، أقدم طفل يبلغ من العمر 14 عامًا في محافظة بورسعيد على قتل زميله في نفس العمر، في جريمة كشفت التحقيقات لاحقًا أنها جاءت بدافع تقليد إحدى الألعاب الإلكترونية الشهيرة. أثارت القضية فور انتشارها جدلاً واسعًا على المستويين الشعبي والرسمي حول تأثير المحتوى الرقمي العنيف على الأطفال والمراهقين، ومسؤولية الأسرة والمجتمع في الرقابة والتوجيه.

تفاصيل الحادث واعترافات المتهم
وقعت الجريمة عندما استدرج الطفل المتهم زميله، الضحية حمزة، إلى سطح أحد العقارات السكنية بحجة اللعب معًا. وهناك، قام بالاعتداء عليه بآلات حادة وطوب، مما أدى إلى وفاته. وبعد ساعات من البحث، عثرت الأجهزة الأمنية على جثة الضحية، وسرعان ما توصلت التحريات إلى أن زميله هو المشتبه به الرئيسي، حيث تم القبض عليه خلال فترة وجيزة.
خلال التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، قدم الطفل المتهم اعترافات صادمة، حيث أقر بارتكابه الجريمة بشكل تفصيلي. وأوضح أنه كان يحاول تطبيق مشهد من لعبة الفيديو القتالية الشهيرة Free Fire، والتي تتضمن مشاهد قتل يمكن بعدها إعادة إحياء الشخصيات. وذكر المتهم أنه لم يكن ينوي قتل صديقه بشكل دائم، بل كان يعتقد أنه سيتمكن من إعادته إلى الحياة مرة أخرى، تمامًا كما يحدث في العالم الافتراضي للعبة، وهو ما يعكس حالة خطيرة من الخلط بين الواقع والخيال لدى الطفل.
الإجراءات القانونية والتحقيقات الرسمية
فور وقوع الحادث، باشرت النيابة العامة في بورسعيد تحقيقاتها الموسعة، حيث استمعت إلى أقوال الطفل المتهم وشهود العيان، وأمرت بإجراء معاينة تصويرية لمسرح الجريمة، قام خلالها المتهم بإعادة تمثيل جريمته. وقد أمرت النيابة بحبس الطفل المتهم احتياطيًا على ذمة التحقيقات، قبل أن تقرر إحالته إلى محكمة الجنايات للأطفال، وذلك وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة في التعامل مع الجرائم التي يرتكبها الأحداث في مصر.
كما أصدرت النيابة بيانًا رسميًا أكدت فيه على خطورة التقليد الأعمى من قبل الأطفال للمحتوى الذي يشاهدونه، وشددت على أهمية الدور الرقابي للأسرة في حماية أبنائهم من التأثيرات السلبية للألعاب الإلكترونية ووسائل الإعلام المختلفة.
تداعيات الحادث والجدل المجتمعي
أحدثت الجريمة صدمة كبيرة في المجتمع المصري، وفتحت نقاشًا واسعًا حول عدة قضايا محورية تتعلق بتنشئة الأطفال في العصر الرقمي. تركز الجدل حول النقاط التالية:
- خطر الألعاب الإلكترونية العنيفة: تساءل الكثيرون عن مدى تأثير الألعاب التي تعتمد على القتل والعنف على السلوك النفسي والاجتماعي للأطفال، مطالبين بفرض رقابة أشد على المحتوى المتاح لهذه الفئة العمرية.
- دور الرقابة الأسرية: أكد خبراء علم النفس والاجتماع على أن هذه الحادثة تسلط الضوء على غياب أو ضعف الرقابة الأسرية، وأهمية متابعة الآباء لما يستهلكه أطفالهم من محتوى على الإنترنت والهواتف الذكية.
- الصحة النفسية للأطفال: دعا متخصصون إلى ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال والمراهقين، وتقديم الدعم اللازم لهم للتمييز بين الواقع والخيال، ومعالجة أي ميول عدوانية قد تظهر لديهم.
- المسؤولية المجتمعية والتشريعية: امتد النقاش ليشمل دعوات لسن تشريعات وقوانين تنظم سوق الألعاب الإلكترونية في مصر، وتلزم الشركات المنتجة بتصنيفات عمرية واضحة وتحذيرات من المحتوى العنيف.
في المجمل، لم تكن قضية طفل بورسعيد مجرد جريمة فردية، بل أصبحت بمثابة جرس إنذار للمجتمع بأسره حول التحديات الجديدة التي يفرضها العالم الرقمي على الأجيال الناشئة، مؤكدة على الحاجة الماسة لتضافر جهود الأسرة والمؤسسات التعليمية والدولة لحماية الأطفال من المخاطر الكامنة في الفضاء الإلكتروني.





