جهود الإمارات العربية المتحدة لدعم السلام في السودان: مبادرات وحراك مستمر على مدار 31 شهرًا
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة اضطلاعها بدور محوري ونشط في السعي نحو تحقيق الاستقرار والسلام في السودان، وذلك عبر سلسلة من المبادرات والتحركات الدبلوماسية والإنسانية الشاملة التي امتدت على مدار 31 شهرًا. تعكس هذه الفترة التزامًا ثابتًا من جانب الإمارات بدعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة السودانية المتفاقمة، والتي أثرت بشكل كبير على أمن واستقرار المنطقة. يأتي هذا الحراك المتواصل في إطار رؤية الإمارات بضرورة إيجاد حلول مستدامة للصراعات، وتقديم يد العون للشعوب المتضررة.

خلفية الأزمة السودانية وأهمية السلام
شهد السودان، على مدى السنوات القليلة الماضية، اضطرابات سياسية وأمنية حادة، بدأت مع الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، وتلتها فترة انتقالية معقدة تميزت بتحديات جمة. تصاعدت الأزمة بشكل دراماتيكي مع اندلاع الصراع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، مما أدى إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق. تسببت هذه الاشتباكات في نزوح الملايين داخل البلاد وإلى الدول المجاورة، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وانهيار البنى التحتية الأساسية. يعتبر استقرار السودان حيويًا لأمن منطقة القرن الأفريقي وشمال إفريقيا ككل، وأي تصعيد فيه يهدد بتداعيات إقليمية ودولية خطيرة، مما يبرز الحاجة الملحة للتدخلات الدبلوماسية والإنسانية الفعالة.
المبادرات الإماراتية المتواصلة: دبلوماسية وإغاثة
على مدار ما يقرب من ثلاث سنوات، أظهرت دولة الإمارات التزامًا لا يتزعزع تجاه القضية السودانية، تجسد في مجموعة واسعة من المبادرات. ففي الجانب الدبلوماسي، شاركت الإمارات بفاعلية في العديد من المحافل الدولية والإقليمية التي تناولت الأزمة السودانية. شمل ذلك اجتماعات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك، وقمم جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى دعمها لعمليات الوساطة الإقليمية مثل محادثات جدة التي هدفت إلى وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. كما لعبت الإمارات دورًا في استضافة وتسهيل الحوارات بين الأطراف السودانية في عواصم مختلفة، بما في ذلك أبوظبي نفسها، والقاهرة، وأديس أبابا (إثيوبيا)، وتفعيل منصات دولية أخرى مثل تلك الموجودة في جنيف (سويسرا)، وذلك بهدف بناء الثقة وتمهيد الطريق نحو حل سياسي شامل.
لم تقتصر جهود الإمارات على المسار الدبلوماسي فحسب، بل امتدت لتشمل تقديم دعم إنساني واسع النطاق للسودان. على مدار الـ 31 شهرًا الماضية، سيرت الإمارات جسورًا جوية وبحرية لإيصال كميات ضخمة من المساعدات الأساسية. تضمنت هذه المساعدات المواد الغذائية، والمستلزمات الطبية، ومواد الإيواء، والمستلزمات اللوجستية، لمواجهة الاحتياجات المتزايدة للمتضررين من الصراع، بما في ذلك النازحون واللاجئون في المخيمات داخل السودان والدول المجاورة مثل تشاد ومصر. وقد تجاوزت قيمة هذه المساعدات مئات الملايين من الدولارات، مما جعل الإمارات من أكبر المانحين الدوليين للسودان خلال هذه الفترة الحرجة. وشمل الدعم أيضًا تقديم الإمدادات الطبية الحيوية للمستشفيات والمنشآت الصحية التي تعاني من نقص حاد في الموارد.
تحديات وجهود مستمرة
بالرغم من الجهود الدبلوماسية والإنسانية المكثفة، لا تزال التحديات كبيرة أمام تحقيق السلام المستدام في السودان. وتشمل هذه التحديات الانقسامات العميقة بين الفصائل السودانية المختلفة، وتعقيدات المشهد السياسي الداخلي، وتأثيرات التدخلات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، لم تثن هذه العقبات دولة الإمارات عن مواصلة التزامها. فمن خلال المشاركة في مؤتمرات المانحين والعمل مع الشركاء الدوليين، تسعى الإمارات إلى تعبئة المزيد من الدعم للسودان، مؤكدة على ضرورة التنسيق المشترك لضمان فعالية المساعدات واستدامتها. كما تواصل الإمارات دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية آمنة لضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين، وهي تعمل بشكل دائم على الضغط من أجل حوار وطني شامل يضع مصالح الشعب السوداني فوق كل اعتبار.
الأثر والتطلع للمستقبل
لقد كان للتحركات والمبادرات الإماراتية أثر ملموس في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية وتوفير نافذة للدبلوماسية. ساهم الدعم الإماراتي في إنقاذ حياة الكثيرين، وتوفير المأوى للآلاف، والحفاظ على بصيص من الأمل في ظل ظروف بالغة الصعوبة. كما أن وجودها الدبلوماسي النشط قد أسهم في إبقاء القضية السودانية على الأجندة الدولية، وحفز المجتمع الدولي على تكثيف جهوده. تستمر الإمارات في تأكيد دعمها لمستقبل مستقر ومزدهر للسودان، مبنية على أسس السلام والتنمية. وبينما لا تزال الرحلة نحو السلام الكامل طويلة ومليئة بالعقبات، فإن التزام الإمارات على مدار 31 شهرًا يشكل شهادة على إيمانها بقدرة الحوار والتعاون على تجاوز الأزمات وتحقيق الاستقرار المنشود في المنطقة.





