جهود دبلوماسية مكثفة في مصر للتوصل إلى هدنة في غزة وتبادل للأسرى
تستضيف العاصمة المصرية القاهرة جولات متتالية من المفاوضات المكثفة، بمشاركة وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتأمين صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. وتأتي هذه الجهود في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع واستمرار العمليات العسكرية التي دخلت شهرها السابع.

خلفية المفاوضات
انطلقت هذه الجولة من المحادثات الدبلوماسية في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، وما تلاه من حملة عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق على قطاع غزة. منذ بداية النزاع، لعبت مصر وقطر أدواراً محورية في الوساطة، نظراً لعلاقاتهما التاريخية وقنوات الاتصال التي تجمعهما بطرفي الصراع. وقد نجحت جهود الوساطة في السابق في التوصل إلى هدنة مؤقتة في نوفمبر 2023، أتاحت تبادل العشرات من المحتجزين والأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية.
تكتسب المفاوضات الحالية أهمية قصوى بسبب الوضع الإنساني الكارثي في غزة، حيث تحذر المنظمات الدولية من مجاعة وشيكة وانهيار كامل للمنظومة الصحية. لذلك، يمارس المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، ضغوطاً متزايدة على الطرفين للتحلي بالمرونة والتوصل إلى اتفاق عاجل.
التطورات الأخيرة في المحادثات
تركز المناقشات الأخيرة على إطار عمل مقترح من قبل الوسطاء، يتألف من عدة مراحل ويهدف إلى تحقيق أهداف مرحلية تؤدي في النهاية إلى هدوء مستدام. ويشمل المقترح في جوهره النقاط التالية:
- المرحلة الأولى: تتضمن هدنة إنسانية مؤقتة تستمر لنحو ستة أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين من المدنيين (النساء والأطفال وكبار السن والمرضى)، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات من الأسرى الفلسطينيين في سجونها. كما تنص هذه المرحلة على زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية والوقود التي تدخل إلى جميع مناطق قطاع غزة، وبدء عودة تدريجية للنازحين من شمال القطاع.
 - المراحل اللاحقة: تشمل بنوداً أكثر تعقيداً تتعلق بتبادل الجنود الأسرى وجثامين القتلى من الطرفين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، والبدء في عملية إعادة إعمار شاملة. وتظل هذه النقاط هي الأصعب في التفاوض، حيث تمثل جوهر الخلاف بين رؤية كل طرف لنهاية الصراع.
 
شهدت القاهرة خلال الأسابيع الماضية زيارات مكوكية لوفود من إسرائيل وحماس، بالإضافة إلى حضور مسؤولين رفيعي المستوى مثل مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، ويليام بيرنز، الذي يشارك بفاعلية في صياغة تفاصيل المقترحات وتقريب وجهات النظر.
دور الوسطاء وأهمية المحادثات
يعتمد نجاح هذه المفاوضات بشكل كبير على الدور التكاملي الذي يلعبه الوسطاء الثلاثة. فمصر، بحكم جوارها الجغرافي مع غزة وسيطرتها على معبر رفح، تعد لاعباً لا غنى عنه في أي ترتيبات أمنية وإنسانية. أما قطر، فتستغل علاقاتها السياسية مع حركة حماس لتكون قناة الاتصال الرئيسية مع قيادتها. في حين تستخدم الولايات المتحدة ثقلها الدبلوماسي كحليف رئيسي لإسرائيل للضغط من أجل تقديم تنازلات.
تتجاوز أهمية هذه المحادثات حدود قطاع غزة، إذ ينظر إليها على أنها خطوة حاسمة لمنع اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد بالفعل توترات متصاعدة في عدة جبهات، بما في ذلك الحدود اللبنانية والبحر الأحمر.
التحديات والعقبات الرئيسية
على الرغم من التفاؤل الحذر الذي يبديه الوسطاء أحياناً، لا تزال المفاوضات تواجه تحديات كبيرة. تتمثل العقبة الرئيسية في الفجوة الواسعة بين المطالب النهائية لكل من إسرائيل وحماس.
- تصر حركة حماس على ضرورة الحصول على ضمانات واضحة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع قبل البدء في أي صفقة تبادل شاملة.
 - في المقابل، ترفض الحكومة الإسرائيلية الالتزام بإنهاء الحرب بشكل دائم، وتؤكد أن أهدافها العسكرية المتمثلة في تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية واستعادة جميع المحتجزين لا تزال قائمة.
 
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الضغوط السياسية الداخلية على كلا الجانبين على قدرتهما على اتخاذ قرارات جريئة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل التوصل إلى حل وسط أمراً صعباً للغاية.





