جوائز كأس السوبر المصري: الأهلي يهيمن وغياب الزمالك وبيراميدز يثير التساؤلات
شهدت بطولة كأس السوبر المصري لكرة القدم مؤخراً، التي أقيمت في ديسمبر 2023 بالإمارات العربية المتحدة، تتويج النادي الأهلي بلقبها للمرة الرابعة عشرة في تاريخه، مؤكداً بذلك هيمنته المستمرة على الساحة الكروية المحلية. وقد أثار توزيع الجوائز المالية الكبيرة للبطولة، بالإضافة إلى الحضور اللافت للأهلي وغياب قطبي الكرة المصرية الآخرين، الزمالك وبيراميدز، نقاشات واسعة حول مستقبل المنافسة وتأثير هذه الغيابات على جاذبية البطولة.

خلفية البطولة وأهميتها
تُعد كأس السوبر المصري من أبرز المسابقات المحلية التي تنظمها الاتحاد المصري لكرة القدم، وعادة ما تجمع بين بطل الدوري المصري الممتاز وبطل كأس مصر في مباراة واحدة لتحديد بطل السوبر. وفي السنوات الأخيرة، شهدت البطولة تطوراً في شكلها، حيث تحولت في بعض الأحيان إلى نظام دورة رباعية تضم أربعة فرق؛ بطل الدوري، بطل الكأس، وصيف الدوري، ووصيف الكأس أو صاحب المركز الثالث في الدوري، لزيادة الإثارة والقيمة التجارية. تُقام هذه البطولة بشكل متزايد خارج مصر، خاصة في دول الخليج مثل الإمارات، نظراً للدعم المالي الكبير والقدرات التنظيمية المتاحة، مما يرفع من قيمتها التسويقية والمالية.
تطورات النسخة الأخيرة وغياب المنافسين
في النسخة الأخيرة من كأس السوبر المصري، والتي استضافتها الإمارات العربية المتحدة، شاركت أربعة فرق هي الأهلي وفيوتشر (زد إف سي حالياً) وسيراميكا كليوباترا وبيراميدز. نجح النادي الأهلي في الفوز باللقب بعد تغلبه على فيوتشر في المباراة النهائية، ليحصد بذلك الجائزة المالية المخصصة للبطل. وقد تمثلت الجوائز في مبالغ مجزية، حيث نال البطل 2.5 مليون دولار أمريكي، فيما حصل الوصيف على 1.25 مليون دولار أمريكي، بينما حصل صاحبا المركزين الثالث والرابع على 750 ألف دولار و500 ألف دولار على التوالي. الملفت في هذه النسخة هو غياب نادي الزمالك، الذي يُعد المنافس التقليدي للأهلي، عن المشاركة. ففي سيناريو مماثل لما حدث في نسخ سابقة، قرر نادي الزمالك الانسحاب من البطولة احتجاجاً على قرارات معينة من الاتحاد المصري لكرة القدم تتعلق بقضايا انضباطية وتحكيمية. ورغم أن نادي بيراميدز كان ضمن المشاركين، إلا أن غيابه عن المباراة النهائية وعدم قدرته على تحدي الأهلي حتى النهاية أظهر فجوة في المنافسة، خاصة في ظل التوقعات بأن يكون أحد الأندية القادرة على كسر هيمنة الأهلي.
هيمنة الأهلي وسر التفوق
يُبرز الفوز المتكرر للنادي الأهلي بكأس السوبر المصري، ووصوله إلى رقم قياسي في عدد مرات التتويج، مدى استقراره الفني والإداري وقوة فريقه. يُعزى هذا التفوق إلى عدة عوامل أساسية:
- الاستقرار الإداري والفني: يتمتع الأهلي بإدارة قوية واستراتيجية واضحة في اختيار المدربين واللاعبين، مما يضمن الاستمرارية في الأداء.
- قوة وتعمق التشكيلة: يمتلك الأهلي دكة بدلاء قوية تسمح له بالتعامل مع ضغط المباريات والإصابات دون التأثير على مستوى الفريق العام.
- الخبرة والروح المعنوية: يتمتع لاعبو الأهلي بخبرة كبيرة في البطولات الكبرى، فضلاً عن الروح القتالية العالية والرغبة الدائمة في الفوز، وهو ما يتجلى في قدرتهم على العودة في المباريات الصعبة.
- الدعم الجماهيري الكبير: يمتلك الأهلي قاعدة جماهيرية ضخمة تسانده بقوة في كل البطولات، مما يوفر دفعة معنوية هائلة للفريق.
تداعيات الغيابات وتأثيرها
يثير غياب أندية بحجم الزمالك عن المشاركة في بطولة بهذا الحجم تساؤلات جدية حول مستقبل الكرة المصرية وقدرة البطولات على الاحتفاظ بجاذبيتها. فانسحاب نادٍ كبير بحجم الزمالك لا يؤثر فقط على القيمة الفنية للبطولة، بل يقلل أيضاً من جاذبيتها التسويقية والإعلامية. كما أن غياب المنافسة الحقيقية من أندية أخرى مثل بيراميدز في مراحلها الحاسمة قد يؤدي إلى شعور بالرتابة لدى الجماهير، وربما يؤثر على الحضور الجماهيري ومعدلات المشاهدة.
من جانب آخر، تعكس هذه الغيابات تحديات تواجه الكرة المصرية بشكل عام، منها:
- الخلافات الإدارية: استمرار الخلافات بين الأندية الكبرى والاتحاد المصري لكرة القدم يؤثر سلباً على استقرار المسابقات.
- التنافسية: الحاجة إلى رفع مستوى المنافسة بين جميع الأندية لضمان وجود أكثر من فريق قادر على المنافسة بقوة على الألقاب.
- الجانب الاقتصادي: تتسبب مثل هذه الانسحابات في خسارة فرص تسويقية واستثمارية قد تعود بالنفع على الأندية والبطولة ككل.
المستقبل والتحديات
مع استمرار هيمنة النادي الأهلي على الألقاب المحلية وغياب المنافسين التقليديين، يصبح التحدي الأكبر أمام الاتحاد المصري لكرة القدم هو كيفية ضمان مشاركة جميع الأندية الكبرى في البطولات المهمة وتعزيز التنافسية. يتطلب ذلك وضع آليات واضحة للتعامل مع الخلافات، وتطوير أنظمة المسابقات لزيادة الإثارة والعدالة، وتشجيع الاستثمار في الأندية الأخرى لتقوية صفوفها. إن استمرار هذا الوضع قد يؤثر على جاذبية الكرة المصرية بشكل عام، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، رغم الأهمية المالية المتزايدة للجوائز. يبقى السؤال قائماً حول كيفية استعادة التوازن التنافسي لضمان بطولة سوبر مصري تعكس بالفعل قوة وجاذبية كرة القدم المصرية.





