جويل موكير وفيليب أجيون وبيتر هاويت يحصدون «نوبل» للاقتصاد عن أبحاثهم في الابتكار والنمو
أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم يوم الاثنين الماضي عن فوز ثلاثة اقتصاديين بارزين بجائزة بنك السويد للعلوم الاقتصادية تخليداً لذكرى ألفريد نوبل، والتي تُعرف شعبياً باسم «جائزة نوبل للاقتصاد». الفائزون هم الأميركي-الإسرائيلي جويل موكير، الفرنسي فيليب أجيون، والكندي بيتر هاويت. وقد تم تكريمهم تقديراً لأبحاثهم الرائدة التي قدمت رؤى عميقة حول الكيفية التي يمكن للابتكار من خلالها أن يدفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام.

خلفية الجائزة وأهميتها
تُعد جائزة نوبل للاقتصاد إحدى أبرز الجوائز العالمية التي تكرم المساهمات الفكرية في مجال العلوم الاقتصادية. على عكس الجوائز الأصلية التي أسسها ألفريد نوبل، تأسست هذه الجائزة من قبل البنك المركزي السويدي في عام 1968. تهدف الجائزة إلى تسليط الضوء على الأبحاث التي تحدث تحولاً في فهمنا للعالم الاقتصادي وتوفر أدوات جديدة لصانعي السياسات والمجتمعات لمعالجة التحديات المعاصرة. يأتي الفوز بهذه الجائزة ليؤكد على الأهمية المتزايدة لفهم آليات الابتكار كقوة دافعة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
يأتي هذا التقدير لأبحاث موكير، أجيون، وهاويت في وقت يشهد فيه العالم اهتماماً متزايداً بالابتكار التكنولوجي ودوره في تشكيل مستقبل الاقتصادات. ففي ظل التحديات العالمية مثل التغير المناخي والتحولات الديموغرافية، يُنظر إلى الابتكار ليس فقط كمحرك للنمو بل كأداة حيوية لمواجهة هذه التحديات وخلق فرص جديدة.
مساهمات الفائزين في فهم الابتكار والنمو
تركزت الأعمال البحثية للفائزين الثلاثة على العلاقة المعقدة بين الابتكار والنمو الاقتصادي على المدى الطويل. لقد قدموا إطاراً نظرياً وتحليلاً تجريبياً يوضح كيف أن التغيير التكنولوجي والاختراعات الجديدة ليست مجرد نتائج للنمو، بل هي محركات أساسية له.
- جويل موكير: يشتهر موكير بأبحاثه في التاريخ الاقتصادي، حيث استكشف الدور الحاسم للمعرفة والتقنيات الجديدة في الثورات الصناعية وكيف أسهم الابتكار في تحويل المجتمعات ورفع مستويات المعيشة على مدى قرون. تركز أعماله على فهم الشروط المؤسسية والثقافية التي تمكّن من ازدهار الابتكار وتطبيقه على نطاق واسع.
- فيليب أجيون وبيتر هاويت: عمل أجيون وهاويت معًا بشكل وثيق على تطوير نظرية "التدمير الخلاق"، المستوحاة من أعمال جوزيف شومبيتر. توضح هذه النظرية كيف أن الابتكارات الجديدة والشركات الصاعدة تدمر هياكل الأعمال القديمة وغير الفعالة، مما يؤدي إلى تطور مستمر وتجديد للاقتصاد. هذا التجديد، رغم أنه قد يسبب اضطرابات على المدى القصير، إلا أنه ضروري للنمو الاقتصادي على المدى الطويل ويزيد من كفاءة الإنتاج. لقد أظهروا كيف يمكن للسياسات الحكومية أن تشجع أو تعرقل هذه العملية الحيوية.
تتقاطع أعمالهم لتقديم رؤية شاملة حول كيفية نشأة الابتكار وتطوره وتأثيره. فبينما يدرس موكير الجذور التاريخية والثقافية للابتكار، يقدم أجيون وهاويت نماذج ديناميكية تشرح كيف تتجسد هذه العمليات في الاقتصاد الحديث وتدفع النمو.
أهمية الأبحاث والتأثير المستقبلي
تكتسب أبحاث الفائزين أهمية خاصة في فهم التحديات الاقتصادية الحالية والمستقبلية. فمن خلال تسليط الضوء على دور الابتكار كمحرك أساسي للنمو، توفر أعمالهم أدوات تحليلية قيمة لصانعي السياسات. يمكن لهذه الأبحاث أن توجه الحكومات في تصميم سياسات تشجع البحث والتطوير، وتحفز المنافسة، وتدعم التعليم العالي، وتوفر بيئة مواتية لريادة الأعمال.
على سبيل المثال، يمكن أن تساعد نظرياتهم في صياغة سياسات تحفيز الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء أو في القطاعات الناشئة ذات الإمكانات العالية للنمو. كما أنها تسلط الضوء على ضرورة التكيف مع الاضطرابات التي يسببها الابتكار، مثل فقدان الوظائف في بعض القطاعات، وتؤكد على أهمية الاستثمار في إعادة تدريب القوى العاملة وشبكات الأمان الاجتماعي.
بشكل عام، تساهم هذه الأبحاث في تعميق فهمنا لكيفية تحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام في عالم يتسم بالتغير التكنولوجي المتسارع. إنها تدعو إلى منظور طويل الأجل في التفكير الاقتصادي وتضع الابتكار في صميم أي استراتيجية تهدف إلى بناء اقتصاد أكثر مرونة وتقدمية. هذا الإرث الفكري سيستمر في التأثير على الأجيال القادمة من الاقتصاديين وصانعي السياسات.




