حكم نهائي: الإدارية العليا تلغي شهادات الدبلوم والبكالوريوس المهني في مصر
أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر، في حكم قضائي صدر مؤخراً، قراراً نهائياً وباتاً بإلغاء استحداث شهادات الدبلوم والبكالوريوس والليسانس المهنية. ويأتي هذا الحكم ليضع حداً للجدل القانوني الذي أثاره قرار سابق للمجلس الأعلى للجامعات بإنشاء هذه المسارات التعليمية الجديدة، مؤكداً على أن إحداث تغييرات جوهرية في منظومة المؤهلات العليا هو اختصاص أصيل للسلطة التشريعية.

خلفية القرار ومسار التقاضي
بدأت الأزمة مع إصدار المجلس الأعلى للجامعات قراراً يسمح للجامعات المصرية بإنشاء برامج لمنح درجات الدبلوم المهني، والبكالوريوس المهني، والليسانس المهني. كان الهدف المعلن من هذه الخطوة هو ربط التعليم العالي باحتياجات سوق العمل بشكل مباشر، وتوفير مسارات تعليمية تطبيقية تركز على المهارات العملية أكثر من الجانب الأكاديمي التقليدي. إلا أن هذا القرار واجه معارضة واسعة، حيث رأى فيه البعض تعدياً على الهيكل التعليمي القائم واحتمالية لخلق حالة من عدم المساواة بين خريجي المسارات المهنية والأكاديمية.
على إثر ذلك، قام عدد من المتضررين، من بينهم أكاديميون وخريجون، برفع دعاوى قضائية أمام مجلس الدولة للطعن على شرعية قرار المجلس الأعلى للجامعات. استندت هذه الطعون إلى حجة قانونية مفادها أن المجلس قد تجاوز صلاحياته، حيث إن إنشاء درجات علمية جديدة لا يدخل ضمن اختصاصاته التنظيمية، بل يتطلب إصدار تشريع من مجلس النواب.
تفاصيل حكم الإدارية العليا وأسبابه
بعد تداول القضية في المحاكم الإدارية، وصلت إلى المحكمة الإدارية العليا، وهي أعلى جهة قضائية إدارية في البلاد وأحكامها نهائية ولا يجوز الطعن عليها. قضت المحكمة بقبول الطعون المقدمة، وأصدرت حكماً حاسماً بتعديل الحكم الصادر سابقاً ليقضي صراحةً بإلغاء قرار استحداث الشهادات المهنية وما يترتب عليه من آثار قانونية.
بنت المحكمة قضاءها على أساس أن قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 لم يمنح المجلس الأعلى للجامعات سلطة إنشاء مؤهلات علمية جديدة. وأوضحت في حيثيات حكمها أن دور المجلس يقتصر على تنظيم الشؤون الأكاديمية والإدارية للدرجات العلمية المنصوص عليها في القانون بالفعل، مثل الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه. أما استحداث فئة جديدة من الشهادات بمسمى "مهنية"، فإنه يعتبر تغييراً في بنية النظام التعليمي يتطلب تدخلاً تشريعياً لضمان توافقه مع الإطار القانوني العام للدولة.
التأثيرات والآثار المترتبة
يترتب على هذا الحكم آثار بالغة الأهمية على عدة مستويات:
- الطلاب والدارسون: يواجه الطلاب الذين التحقوا بالفعل بهذه البرامج أو تخرجوا منها حالة من الغموض القانوني بشأن وضع شهاداتهم، التي أصبحت الآن ملغاة بحكم القضاء. ويتطلب هذا الوضع تدخلاً عاجلاً من وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات لتسوية أوضاعهم.
- الجامعات المصرية: الجامعات التي استثمرت في تصميم وتدريس هذه البرامج ستكون ملزمة بوقفها والامتثال للحكم القضائي، مما يثير تساؤلات حول مصير الموارد التي تم تخصيصها لهذه البرامج.
- الإطار التشريعي للتعليم: يؤكد الحكم على مبدأ الفصل بين السلطات، ويعيد التأكيد على أن التغييرات الكبرى في السياسات التعليمية يجب أن تمر عبر القنوات التشريعية الممثلة في البرلمان، لضمان الدراسة المجتمعية الوافية وتحقيق التوافق الوطني.
وبهذا الحكم، تكون المحكمة الإدارية العليا قد وضعت حداً فاصلاً لمسألة الشهادات المهنية، معيدةً تنظيم العلاقة بين الجهات التنفيذية والسلطة التشريعية في إدارة ملف التعليم العالي في مصر.





