حكم بات من المحكمة الإدارية العليا يلغي شهادات البكالوريوس المهني في مصر
أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر، خلال شهر أكتوبر 2023، حكماً قضائياً نهائياً وباتاً، قضى بإلغاء ما يعرف بـ"البكالوريوس المهني" و"الليسانس المهني" و"الدبلوم المهني" من منظومة التعليم العالي المصرية. جاء هذا القرار الحاسم ليضع حداً لجدل استمر لسنوات حول شرعية هذه الشهادات التي كان يمنحها عدد من الجامعات بناءً على قرارات سابقة من المجلس الأعلى للجامعات.

خلفية القرار وأسبابه القانونية
استندت المحكمة في حكمها إلى أن استحداث هذه الدرجات العلمية يخالف أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972. وأوضحت حيثيات الحكم أن القانون المذكور حدد الدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية على سبيل الحصر، وهي الليسانس والبكالوريوس والدبلومات العليا والماجستير والدكتوراه. وبناءً على ذلك، اعتبرت المحكمة أن إضافة صفة "مهني" إلى هذه الدرجات يعد ابتداعاً لنظام موازٍ يفتقر إلى السند التشريعي.
وأكدت المحكمة أن المجلس الأعلى للجامعات، بالرغم من صلاحياته في تنظيم شؤون التعليم، إلا أنه لا يملك سلطة التشريع أو استحداث مسميات لشهادات لم ينص عليها القانون. ورأت أن قراراته السابقة بالسماح بهذه البرامج تمثل تجاوزاً لحدود سلطته، حيث أن تنظيم الدرجات العلمية هو من اختصاص المشرّع وحده لضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الخريجين.
تفاصيل الحكم وآثاره
جاء الحكم استجابة للطعون التي قدمها عدد من الخريجين المتضررين الذين رأوا في الشهادات المهنية إخلالاً بمبدأ المساواة مع نظرائهم الحاصلين على الدرجات الأكاديمية التقليدية. وبموجب هذا الحكم، أصبحت جميع القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للجامعات المتعلقة بإنشاء أو اعتماد هذه الشهادات ملغاة، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.
وتشمل الآثار المترتبة على هذا القرار ما يلي:
- إلزام الجامعات المصرية بوقف منح شهادات الدبلوم أو البكالوريوس أو الليسانس تحت مسمى "مهني".
- إلغاء الاعتراف بهذه الشهادات كدرجات علمية معادلة للدرجات الأكاديمية المنصوص عليها في القانون.
- فتح الباب أمام وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات لإيجاد حلول لأوضاع الطلاب الذين يدرسون حالياً في هذه البرامج أو الذين تخرجوا منها بالفعل.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يكتسب هذا الحكم أهمية بالغة كونه يعيد ضبط منظومة الدرجات العلمية في مصر ويؤكد على سيادة القانون في تنظيم التعليم العالي. ويضع القرار حداً لحالة من عدم الوضوح كانت تحيط بالشهادات المهنية، والتي كانت تثير تساؤلات حول قيمتها الأكاديمية والمهنية في سوق العمل. من المتوقع أن تبدأ وزارة التعليم العالي في الفترة المقبلة بدراسة آليات تنفيذ الحكم والتعامل مع أوضاع آلاف الطلاب والخريجين المعنيين بهذا القرار، لضمان عدم الإضرار بمستقبلهم التعليمي والمهني.




