حماس تعلن عدم مشاركتها في مراسم توقيع اتفاق سلام محتمل في مصر
في تطور يعكس التعقيدات المستمرة في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، صدرت تصريحات عن حركة حماس تشير إلى رفضها المشاركة في أي مراسم لتوقيع اتفاق لا يلبي شروطها الأساسية، وذلك في إشارة إلى المباحثات التي تستضيفها مصر بشكل دوري. يأتي هذا الموقف في وقت حاسم تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى هدنة تنهي الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع وتضمن إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين.
خلفية المفاوضات والجهود الدبلوماسية
منذ اندلاع الصراع الأخير، لعبت مصر دوراً محورياً كوسيط رئيسي، مستضيفة جولات متعددة من المحادثات غير المباشرة بين وفود من حماس وإسرائيل. تهدف هذه المفاوضات، التي تشارك فيها قطر والولايات المتحدة بفعالية، إلى صياغة اتفاق إطاري لوقف القتال على مراحل. تركزت المقترحات المطروحة على الطاولة على هدنة مؤقتة تتضمن تبادل أعداد محددة من الرهائن الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، يليها مراحل لاحقة قد تفضي إلى ترتيبات أكثر استدامة.
نقاط الخلاف الجوهرية
تتمثل العقبة الكبرى أمام التوصل إلى اتفاق في التباين الشديد بين مطالب الطرفين. تصر حركة حماس على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق ضمانات واضحة وملزمة بـ وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وعودة غير مشروطة للنازحين إلى مناطقهم. من ناحية أخرى، يرفض الجانب الإسرائيلي الالتزام بإنهاء الحرب بشكل كامل، مؤكداً على أن عملياته العسكرية ستستمر حتى تحقيق أهدافه المعلنة، والمتمثلة في القضاء على القدرات العسكرية لحماس وإعادة جميع الرهائن.
وتشمل نقاط الخلاف الأخرى تفاصيل عملية تبادل الأسرى، بما في ذلك أعداد وهوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل الرهائن الإسرائيليين، وآليات تنفيذ الانسحاب وعودة النازحين. وبينما قدم الوسطاء صيغاً متعددة لمحاولة التوفيق بين المواقف، لم تنجح أي منها حتى الآن في جسر الهوة بين المطالب الأساسية للطرفين.
موقف حماس الأخير وأسبابه
يعكس إعلان الحركة رفضها المشاركة في مراسم توقيع بمصر رفضاً للمقترحات الحالية التي لا تتضمن، من وجهة نظرها، الاستجابة لمطالبها الجوهرية. تؤكد الحركة أن أي احتفال بتوقيع اتفاق يجب أن يكون تتويجاً لصفقة حقيقية تنهي معاناة الشعب الفلسطيني وتضمن وقفاً شاملاً للعدوان، وليس مجرد هدنة مؤقتة تعقبها جولة جديدة من القتال. ويرى مراقبون أن هذا الموقف يمثل رسالة سياسية للوسطاء والمجتمع الدولي بأن الحركة لن تقبل بحلول جزئية أو مؤقتة لا تضمن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وعلى رأسها إنهاء الحرب بشكل نهائي.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يحمل تعثر المفاوضات تداعيات خطيرة على المستويين الإنساني والسياسي. ففي غزة، يعني استمرار القتال تفاقم الكارثة الإنسانية مع تزايد أعداد الضحايا ونقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى. كما يطيل من أمد معاناة عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين ينتظرون عودة ذويهم. على الصعيد السياسي، يضع هذا الجمود ضغوطاً إضافية على الحكومات الوسيطة، وخاصة مصر والولايات المتحدة، ويهدد بتوسيع دائرة عدم الاستقرار في المنطقة. يبقى المسار الدبلوماسي هو الأمل الوحيد المتاح، لكن نجاحه يعتمد على قدرة الأطراف على تقديم تنازلات جوهرية وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.





