خالد عبد الغفار: الذكاء الاصطناعي بنية تحتية محورية للتنمية البشرية
صرح الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أمس الثلاثاء الموافق 15 أكتوبر 2023، بأن الذكاء الاصطناعي قد تجاوز كونه مجرد تكنولوجيا رقمية ليصبح بنية تحتية محورية وأساسية في دفع عجلة التنمية البشرية الشاملة. جاءت تصريحاته خلال مؤتمر "مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر: آفاق التنمية المستدامة" الذي استضافته القاهرة، مؤكداً على التحول الجوهري في نظرة الدولة لهذه التقنية المتقدمة ودورها الاستراتيجي في بناء القدرات البشرية وتحسين جودة الحياة.

التحول الرقمي ورؤية مصر 2030
تأتي رؤية الدكتور عبد الغفار ضمن إطار أوسع يتبناه نهج الدولة المصرية نحو التحول الرقمي الشامل، والذي يعد ركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة. لطالما أكدت الحكومة المصرية على أهمية استثمار التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، كأداة رئيسية لتحديث القطاعات الحيوية وتحقيق قفزات نوعية في الخدمات المقدمة للمواطنين. وقد شهدت السنوات الأخيرة إطلاق العديد من المبادرات والبرامج الوطنية التي تهدف إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بدءاً من تطوير البنية التحتية الرقمية وصولاً إلى بناء الكوادر البشرية المتخصصة القادرة على التعامل مع هذه التقنيات وتطويرها. ويشمل ذلك استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للابتكار التكنولوجي.
الذكاء الاصطناعي كركيزة للتنمية البشرية
شدد الدكتور عبد الغفار على أن مفهوم الذكاء الاصطناعي قد تطور ليتعدى مجرد كونه مجموعة من الخوارزميات أو البرمجيات، ليصبح منظومة متكاملة تدعم تطوير رأس المال البشري بشكل غير مسبوق. وأوضح أن هذه التقنية باتت تشكل البنية التحتية التي تُبنى عليها أنظمة التعليم الحديثة، والخدمات الصحية المتطورة، وحتى آليات الحوكمة الرشيدة، مما يساهم في تمكين الأفراد والمجتمعات. وتتجلى أهمية هذا التحول في عدة محاور رئيسية:
- الرعاية الصحية: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في مجالات التشخيص المبكر للأمراض، وتطوير علاجات مخصصة، وتحسين إدارة المستشفيات، وتوفير الرعاية الصحية عن بُعد، مما يزيد من كفاءة النظام الصحي ويخفض التكاليف ويوسع نطاق الوصول إلى الخدمات. على سبيل المثال، تسهم أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية بسرعة ودقة غير مسبوقة، مما يدعم الأطباء في اتخاذ قرارات أفضل ويفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي في هذا القطاع الحيوي.
- التعليم: يسهم في تقديم تجارب تعليمية مخصصة للطلاب، وتحليل أدائهم لتحديد نقاط القوة والضعف، وتطوير محتوى تعليمي تفاعلي. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم المعلمين في مهامهم الإدارية والتعليمية، مما يوفر لهم وقتاً أطول للتركيز على الجوانب التربوية والإبداعية. هذا التحول يهدف إلى إعداد جيل مؤهل لسوق العمل المستقبلي الذي يتطلب مهارات رقمية ومعرفية متقدمة.
- التنمية الاقتصادية والاجتماعية: يدعم الذكاء الاصطناعي الابتكار في مختلف الصناعات، ويخلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد، ويعزز الإنتاجية. كما يمكنه أن يساعد في معالجة التحديات الاجتماعية المعقدة مثل الفقر والتغيرات المناخية من خلال تحليل البيانات وتقديم حلول مستدامة.
أهمية هذا المنظور المستقبلي
يبرز هذا التصريح أهمية التحول في الفكر الاستراتيجي للدولة تجاه الذكاء الاصطناعي، حيث لم يعد يُنظر إليه كأداة تكميلية، بل كمكون أساسي لا غنى عنه في صياغة مستقبل الأمة. هذا المنظور يدعو إلى استثمارات أكبر في البحث والتطوير، وبناء القدرات البشرية المتخصصة، وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية التي تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية والخصوصية. كما يشير إلى ضرورة التعاون بين مختلف القطاعات، الحكومية والخاصة والأكاديمية، لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية في خدمة أهداف التنمية البشرية المستدامة. إن اعتبار الذكاء الاصطناعي بنية تحتية يعني أنه يجب أن يكون متاحًا ومدمجًا في كل جانب من جوانب الحياة اليومية والخدمات الحكومية، لضمان أن فوائده تصل إلى جميع شرائح المجتمع.
تؤكد تصريحات الدكتور خالد عبد الغفار على التزام الحكومة المصرية بتسخير أحدث التقنيات لخدمة مواطنيها ودفع عجلة التنمية الشاملة. ومع استمرار مصر في مسارها نحو التحول الرقمي، يبقى الذكاء الاصطناعي في صدارة الأولويات كأداة حاسمة لتحقيق قفزات نوعية في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد، مؤكداً على أن الاستثمار فيه هو استثمار مباشر في مستقبل الأجيال القادمة وفي رفاهية المجتمع ككل.





