مصر على طريق ريادة الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات إقليمياً: رؤية أحمد الزيات
أكد المهندس أحمد الزيات، عضو لجنة تكنولوجيا المعلومات بجمعية رجال الأعمال المصريين، في تصريحات حديثة، أن مصر تمتلك مجموعة فريدة من المقومات التي تؤهلها لتبوؤ مكانة ريادية في قطاعي مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة. جاءت هذه التصريحات في سياق التعليق على ما أدلت به رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، حول أهمية التحول الرقمي والشراكات التكنولوجية العالمية.
سياق التصريحات والخلفية الاستراتيجية
تكتسب تصريحات الزيات أهمية خاصة بالنظر إلى الاهتمام المتزايد عالمياً ومحلياً بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات كركائز أساسية للاقتصاد الرقمي الحديث. ففي ظل تسارع وتيرة التحول الرقمي على الصعيد العالمي، أصبحت البنية التحتية التكنولوجية المتطورة، لا سيما مراكز البيانات الضخمة وقدرات معالجة البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، محركاً رئيسياً للابتكار والنمو الاقتصادي. وقد ركزت رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لاين، في مناسبات متعددة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجالات الرقمنة والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، مما يضع تصريحات الزيات في إطار استجابة مصرية طموحة لهذه الرؤى العالمية.
تدرك القاهرة جيداً أن الاستثمار في هذه القطاعات ليس مجرد خيار ترفي، بل ضرورة استراتيجية لضمان مكانة الدولة في المستقبل الرقمي. هذا الفهم يتماشى مع التوجهات الحكومية لتعزيز مبادرة "مصر الرقمية" وتطوير البنية التحتية المعلوماتية.
مقومات مصر للريادة في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات
تستند رؤية المهندس الزيات إلى عدد من المقومات الأساسية التي تضع مصر في موقع متميز لتحقيق الريادة في هذين المجالين الحيويين. هذه المقومات تشمل:
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي: تتوسط مصر ثلاث قارات (أفريقيا وآسيا وأوروبا)، مما يجعلها نقطة مثالية لربط الكابلات البحرية التي تحمل بيانات العالم. هذا الموقع يعزز دورها كمركز إقليمي لتخزين ومعالجة البيانات.
- البنية التحتية المتطورة للاتصالات: شهدت مصر في السنوات الأخيرة استثمارات ضخمة في تطوير شبكات الألياف الضوئية وتحسين سرعة الإنترنت، مما يوفر أساساً قوياً لاستضافة مراكز بيانات عملاقة تتطلب قدرات اتصال هائلة.
- الكوادر البشرية الشابة: تمتلك مصر قاعدة عريضة من الشباب المتطلع إلى التكنولوجيا، مع تزايد أعداد خريجي كليات الهندسة وعلوم الحاسب. هناك جهود حكومية حثيثة لتدريب وتأهيل هذه الكوادر في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
- الدعم الحكومي القوي: تلتزم الحكومة المصرية بتسريع وتيرة التحول الرقمي وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات في قطاع التكنولوجيا، من خلال مبادرات مثل استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي وإنشاء مناطق تكنولوجية متخصصة.
- حجم السوق المحلي والإقليمي: يمثل السوق المصري الكبير، إلى جانب دوره كبوابة للقارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، حافزاً كبيراً لشركات التكنولوجيا ومقدمي خدمات مراكز البيانات للاستثمار في البلاد.
التطورات الأخيرة والمبادرات الداعمة
لم تكن رؤية الزيات مجرد تطلعات، بل هي مدعومة بجهود ملموسة. فقد أطلقت مصر في عام 2021 استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي، بهدف دمج هذه التقنية في مختلف القطاعات وتعزيز البحث والتطوير. كما تضاعفت الاستثمارات في بناء مراكز بيانات جديدة، بعضها بمعايير عالمية، لتلبية الطلب المتزايد على خدمات الحوسبة السحابية وتخزين البيانات. وتعمل الحكومة على تقديم حوافز للشركات المحلية والدولية للاستثمار في هذا المجال، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ونقل الخبرات.
الأهمية والتأثير على الاقتصاد والمجتمع
إن تحقيق الريادة في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات سيحمل في طياته فوائد جمة لمصر. على الصعيد الاقتصادي، سيسهم ذلك في تنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. كما سيدعم الابتكار في مختلف القطاعات، من الصناعة والزراعة إلى الرعاية الصحية والتعليم. أما على الصعيد المجتمعي، فستتحسن جودة الخدمات الحكومية والرقمية للمواطنين، وستتوفر فرص عمل مرموقة للشباب، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للمعرفة والتكنولوجيا.
مع ذلك، فإن الطريق نحو الريادة يتطلب استمرار الاستثمار في البنية التحتية، وتحديث الأطر التشريعية، وتوسيع قاعدة الكفاءات المتخصصة. إن التزام مصر بهذه التحديات يؤكد عزمها على أن تصبح لاعباً رئيسياً في المشهد الرقمي العالمي.





