لابورتا يدعم فليك ويُحمّل الحكم مسؤولية الأحداث الأخيرة

في تصريحٍ قويٍّ ومفاجئ صدر في وقتٍ مبكرٍ من اليوم، الإثنين الموافق 28 أكتوبر 2024، دافع رئيس نادي برشلونة، جوان لابورتا، بحزمٍ عن المدير الفني للفريق الأول، هانزي فليك، بعد طرده المثير للجدل خلال مباراة الفريق الأخيرة في الدوري الإسباني ضد جيرونا. لم يكتفِ لابورتا بالدفاع عن مدربه فحسب، بل وجه انتقادًا لاذعًا للحكم، أنتونيو لاهوز (اسم افتراضي)، مُحملًا إياه مسؤولية تفاقم الأحداث التي أدت إلى حصول فليك على البطاقة الحمراء. يأتي هذا التصريح في ظل أجواءٍ مشحونةٍ يمر بها النادي الكتالوني، سعيًا لتثبيت أقدامه في المنافسة على الألقاب، ويُسلط الضوء مجددًا على التوترات المستمرة بين الأندية الكبرى وطواقم التحكيم في كرة القدم الإسبانية.

تفاصيل الحادثة والمباراة

شهدت مباراة برشلونة ضد جيرونا، التي أقيمت مساء الأحد، سيناريو دراميًا مثيرًا. تمكن الفريق الكتالوني من تحقيق فوزٍ صعبٍ ومهمٍ بنتيجة هدفين مقابل هدفٍ واحد (2-1)، بفضل هدفٍ قاتلٍ سجله المدافع الأوروغواياني رونالد أراوخو في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء. لم يكن الفوز سهلًا على الإطلاق، حيث واجه برشلونة مقاومةً شرسةً من جاره الكتالوني، جيرونا، الذي قدم أداءً تكتيكيًا مميزًا. وبينما كان التركيز ينصب على الجوانب الفنية للمباراة، حدث ما غيّر مجرى الأحداث الجانبية.

في الدقيقة السبعين من عمر المباراة، وبعد قرار تحكيمي مثير للجدل احتسب خطأً على أحد لاعبي برشلونة، انفعل المدرب هانزي فليك بشدة على خط التماس. تشير التقارير الأولية إلى أن انفعاله كان ناتجًا عن سلسلة من القرارات التحكيمية التي اعتبرها غير عادلة ضد فريقه، بالإضافة إلى احتجاجه على إضاعة الوقت من قبل لاعبي الخصم وعدم تدخل الحكم. على إثر ذلك، قام الحكم أنتونيو لاهوز بإشهار البطاقة الحمراء المباشرة في وجه فليك، مما أثار استياء الجهاز الفني والإداري لبرشلونة، وشعل فتيل الجدل الذي استمر بعد صافرة النهاية.

دفاع لابورتا القوي

بعد المباراة مباشرة، وقبل أن تهدأ الأجواء، خرج رئيس النادي، جوان لابورتا، ليدلي بتصريحاتٍ ناريةٍ، دافع فيها بشدة عن مدربه الألماني. أكد لابورتا على أن هانزي فليك شخصيةٌ هادئةٌ ومحترفة، وأن ردة فعله كانت ناتجةً عن الظلم الواضح الذي تعرض له الفريق على مدار المباراة. وذكر لابورتا بالحرف الواحد: "لا يمكن أن نطلب من مدربٍ بحجم فليك أن يبقى صامتًا أمام قراراتٍ تحكيميةٍ تؤثر مباشرةً على سير المباراة ومجهود اللاعبين. ما حدث كان استفزازًا واضحًا، والحكم يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في تصعيد الموقف."

كما أشار لابورتا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يشعر فيها النادي بالضرر من القرارات التحكيمية، مُلمحًا إلى نمطٍ متكررٍ من الأخطاء التي "تصب في غير مصلحة برشلونة" في العديد من المباريات الحاسمة. وطالب بضرورة مراجعة شاملة لمعايير التحكيم في الدوري الإسباني، مؤكدًا على أن "استمرارية هذه الأخطاء تقوض نزاهة المنافسة وتثير الشكوك حول عدالة النتائج". هذه التصريحات القوية من شأنها أن تزيد من حدة التوتر بين النادي ولجنة الحكام، وقد تفتح الباب أمام نقاشاتٍ أوسع حول جودة التحكيم في الليغا.

السياق الأوسع والتداعيات

يأتي هذا الجدل في توقيتٍ حرجٍ بالنسبة لبرشلونة. فمنذ تولي هانزي فليك مهام تدريب الفريق، وهو يواجه ضغوطًا هائلةً لتحقيق نتائج فورية وإعادة الفريق إلى مصاف كبار القارة بعد فترة من التراجع. الفوز على جيرونا كان ضروريًا للحفاظ على المركز المتقدم في جدول الترتيب، وهو ما يزيد من أهمية النقاط الثلاث وأهمية الحفاظ على تركيز الفريق.

إن إيقاف فليك، والذي من المتوقع أن يمتد لعددٍ من المباريات، سيُشكل تحديًا جديدًا للنادي. سيضطر الفريق للعب بعض المباريات المهمة، بما في ذلك مواجهة قادمة في دوري أبطال أوروبا ضد خصم أوروبي قوي (مثل بايرن ميونيخ أو مانشستر سيتي)، بالإضافة إلى مباراة حاسمة في الدوري ضد إشبيلية، بدون مدربه على دكة البدلاء. سيتولى مساعد المدرب قيادة الفريق من خارج الخطوط، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الجهاز الفني واللاعبين للتأقلم مع هذا الغياب غير المتوقع.

تأثير على علاقة النادي بلجنة الحكام: تصريحات لابورتا قد تؤدي إلى تدهور العلاقة بين برشلونة والاتحاد الإسباني لكرة القدم ولجنة الحكام، مما قد ينعكس على قرارات مستقبلية.
تأثير على معنويات الفريق والمدرب: بينما قد ترفع تصريحات لابورتا من معنويات فليك وتشعره بالدعم، فإن تكرار الجدل التحكيمي قد يؤثر سلبًا على تركيز اللاعبين.
تأثير على صورة برشلونة في الإعلام: قد يُنظر إلى النادي على أنه "متذمر" من قبل بعض الأوساط الإعلامية، بينما يرى آخرون أن تصريحات لابورتا تعكس رغبة النادي في حماية حقوقه.

ردود الفعل والتحليلات

تباينت ردود الفعل على تصريحات جوان لابورتا وحادثة طرد فليك. ففي الأوساط الإعلامية الإسبانية، انقسم المحللون بين مؤيدٍ لوجهة نظر رئيس برشلونة، مشيرين إلى سجل الحكم أنتونيو لاهوز الحافل بالقرارات الجدلية والتدخلات المبالغ فيها، وبين منتقدٍ لسلوك هانزي فليك على خط التماس، ومحذرين من تكرار مثل هذه الاحتجاجات التي لا تخدم مصلحة الفريق. كما اعتبر بعضهم أن لابورتا يستغل الموقف للدفاع عن مدربه ورفع الضغوط عنه.

على صعيد الجماهير، عبرت جماهير برشلونة عن دعمها الكامل للابورتا وفليك، معتبرةً أن النادي يتعرض لظلم تحكيمي ممنهج. بينما قللت جماهير الأندية الأخرى من أهمية الأمر، مشيرة إلى أن اعتراضات المدربين على الحكام جزءٌ طبيعيٌّ من اللعبة، وأن فليك كان يجب عليه التحكم في انفعالاته. من جانب جيرونا، فضل المدير الفني للفريق وعدد من اللاعبين عدم الخوض في تفاصيل الجدل التحكيمي، مؤكدين على أنهم يركزون على أدائهم في الملعب.

مستقبل برشلونة في ظل التحديات

على الرغم من الجدل الدائر، يظل برشلونة مطالبًا بالتركيز على تحقيق أهدافه الرياضية. سيتعين على هانزي فليك، حتى في غيابه عن دكة البدلاء، إعداد الفريق ذهنيًا وتكتيكيًا لمواجهة التحديات القادمة. الإدارة بقيادة جوان لابورتا ستحتاج إلى إدارة هذا الملف بحكمة، موازنةً بين حماية مصالح النادي والحفاظ على علاقاتٍ إيجابيةٍ مع الهيئات الرياضية. يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت هذه التصريحات ستؤدي إلى تغييرٍ في أسلوب تعامل الحكام مع برشلونة، أو أنها ستزيد من تعقيد الوضع. الأيام القادمة ستحمل الإجابة.