رؤية التحديث الاقتصادي: إنجازات رقمية لقطاع تكنولوجيا المعلومات في الربع الثالث
كشفت التطورات الأخيرة عن تقدّم ملموس في مسيرة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن، خاصةً فيما يتعلق بقطاع تكنولوجيا المعلومات. فقد شهد الربع الثالث من العام الحالي (من يوليو إلى سبتمبر) تحقيق مجموعة من الإنجازات البارزة التي تُرسّخ دعائم الاقتصاد الرقمي وتُعزّز من قدرة القطاع على المساهمة الفاعلة في النمو الشامل والمستدام.

خلفية ورؤية التحديث الاقتصادي
تُعد رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها المملكة استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى تحويل الأردن إلى اقتصاد مزدهر ومنافس إقليمياً وعالمياً بحلول عام 2033. وتضع الرؤية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صدارة أولوياتها، إيماناً بدوره المحوري كمحرك للابتكار، ومُسرّع للتحول الرقمي في جميع القطاعات، ومُولد لفرص العمل النوعية. وتسعى الرؤية من خلال محاورها المختلفة إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار في التكنولوجيا، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتنمية القدرات البشرية لتلبية متطلبات المستقبل الاقتصادي.
الإنجازات الرئيسية لقطاع تكنولوجيا المعلومات خلال الربع الثالث
خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى سبتمبر من العام الحالي، سجّل قطاع تكنولوجيا المعلومات في الأردن إحصائيات تعكس التزاماً قوياً بأهداف الرؤية. وقد شملت هذه الإنجازات عدداً من المحاور الأساسية:
في خطوة جوهرية نحو حكومة رقمية متكاملة وفعالة، وصل العدد الإجمالي للخدمات الحكومية التي تم تحويلها رقمياً إلى 1778 خدمة بشكل تراكمي. يُعد هذا الإنجاز حجر الزاوية في تبسيط الإجراءات الحكومية، وتحسين تجربة المواطنين والمستثمرين، وتعزيز الشفافية والكفاءة في تقديم الخدمات. تهدف هذه الجهود إلى تسريع وتيرة المعاملات، وتقليل البيروقراطية، وإتاحة الوصول إلى الخدمات بسهولة أكبر من أي مكان وفي أي وقت، مما يدعم بيئة أعمال أكثر مرونة وجاذبية.
ولتحفيز الابتكار ودعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في القطاع، استفادت أربع شركات من برنامج نمو الأردن (لتطوير الأعمال). يركز هذا البرنامج على توفير الدعم اللازم للشركات الواعدة، بما في ذلك التوجيه والتدريب، الوصول إلى التمويل، وفرص التوسع في الأسواق المحلية والإقليمية. ويُعتبر دعم هذه الشركات عنصراً حيوياً في خلق فرص عمل جديدة، وتنمية الخبرات المحلية، وإدخال حلول تكنولوجية مبتكرة تسهم في التنمية الاقتصادية الشاملة.
وإدراكاً لأهمية رأس المال البشري في الاقتصاد الرقمي، استفاد ما مجموعه 3000 مستفيد من البرامج التدريبية لمشروع تمكين المهارات الرقمية، والتي نُفّذت بالتعاون مع جمعية المهارات الرقمية. تهدف هذه البرامج إلى سد الفجوة في المهارات بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وتزويد الشباب وغيرهم بالمهارات التكنولوجية الحديثة المطلوبة في مجالات مثل البرمجة، تحليل البيانات، الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي. هذا التمكين يسهم بشكل مباشر في زيادة قابلية التوظيف وتعزيز قدرة الأيدي العاملة الأردنية على المنافسة في السوق العالمية.
الأهمية الاستراتيجية والتأثير الاقتصادي
لا تقتصر هذه الإنجازات على أرقام مجردة، بل تحمل في طياتها تأثيراً استراتيجياً عميقاً على الاقتصاد الأردني. فهي تُسهم في تعزيز جاذبية الأردن كمركز إقليمي للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، وتُحفّز النمو في القطاعات الأخرى من خلال توفير حلول رقمية مبتكرة. كما أنها تلعب دوراً محورياً في بناء اقتصاد معرفي مستدام، يدعمه جيل جديد من الكفاءات الرقمية، وبيئة أعمال محفزة للابتكار والريادة. إن التقدم في رقمنة الخدمات الحكومية يُعزّز من ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء، بينما دعم الشركات الناشئة يفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي وتصدير الخدمات التكنولوجية.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من هذه الإنجازات المشجعة، لا تزال هناك تحديات تتطلب جهوداً متواصلة، منها الحاجة إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الرقمية المتقدمة، وضمان استمرارية تطوير المهارات الرقمية لمواكبة التغيرات التكنولوجية المتسارعة. ومع ذلك، تعكس هذه النتائج التزام الحكومة الراسخ بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وتُشير إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات في الأردن يسير بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافه الطموحة. ومن المتوقع أن تستمر وتيرة الإنجازات في تصاعد خلال الأرباع القادمة، مع التركيز على توسيع نطاق الخدمات الرقمية، ودعم المزيد من الشركات، وتطوير برامج تدريبية متخصصة لتلبية الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل.





