رئيس مدغشقر يعلن نجاته من محاولة اغتيال ويدعو للتمسك بالدستور
في تطور سياسي وأمني بارز شهدته مدغشقر في يوليو 2021، أعلنت السلطات عن إحباط مؤامرة معقدة كانت تهدف إلى اغتيال الرئيس أندري راجولينا وعدد من كبار المسؤولين في الدولة. وفي أعقاب الكشف عن المخطط، ظهر الرئيس راجولينا ليؤكد نجاته ويوجه كلمة إلى الشعب، دعا فيها إلى الهدوء والوحدة الوطنية والالتزام الصارم بالمؤسسات الدستورية للبلاد، مشدداً على أن أمن واستقرار مدغشقر يمثلان الأولوية القصوى.

تفاصيل المؤامرة والكشف عنها
كشفت التحقيقات الأولية التي أجرتها الأجهزة الأمنية في مدغشقر عن مخطط يحمل الاسم الرمزي "أبولو 21". لم تقتصر أهداف المؤامرة على استهداف الرئيس راجولينا فحسب، بل شملت قائمة بأسماء شخصيات رفيعة المستوى بهدف "تحييدها" وإحداث فراغ في السلطة. وأدت العملية الأمنية التي أعقبت الكشف عن المؤامرة إلى اعتقال عشرات المشتبه بهم، كان من بينهم مواطنون من مدغشقر، بالإضافة إلى مواطنين فرنسيين، مما أضفى بعداً دولياً على القضية وأثار تساؤلات حول طبيعة التدخلات الخارجية في شؤون البلاد.
وذكر المدعي العام أن السلطات صادرت أدلة مادية، بما في ذلك أموال وأسلحة ووثائق، تشير إلى وجود تخطيط متقدم للمؤامرة. وكان من بين المعتقلين شخصيات بارزة، منها ضباط كبار في الجيش والشرطة، مما سلط الضوء على وجود انقسامات محتملة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية في البلاد.
رد فعل الحكومة والمحاكمات
تعاملت حكومة مدغشقر بحزم مع الحادث، حيث أكدت على أنها لن تتسامح مع أي محاولة لزعزعة استقرار البلاد. وتعهد الرئيس راجولينا بتقديم جميع المتورطين إلى العدالة في محاكمات علنية وشفافة. وبعد أشهر من التحقيقات المكثفة، بدأت إجراءات المحاكمة ضد المتهمين، والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة على الصعيدين المحلي والدولي.
في فبراير 2022، أصدر القضاء أحكامه في القضية، حيث جاءت العقوبات رادعة لتعكس خطورة الجرائم المنسوبة للمتهمين. ومن أبرز الأحكام التي صدرت:
- الحكم على بول رافانوهارانا، وهو مواطن يحمل الجنسيتين الفرنسية والمالاغاشية، بالسجن لمدة 20 عاماً مع الأشغال الشاقة، بعد اعتباره أحد العقول المدبرة للمؤامرة.
 - الحكم على المواطن الفرنسي فيليب فرانسوا، وهو كولونيل متقاعد بالجيش الفرنسي، بالسجن لمدة 10 سنوات.
 - صدرت أحكام متفاوتة بالسجن ضد متهمين آخرين، من بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون سابقون في مدغشقر.
 
السياق السياسي وأهمية الحدث
جاءت محاولة الاغتيال في سياق سياسي واقتصادي معقد تعيشه مدغشقر، وهي دولة لها تاريخ طويل من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية. وكان الرئيس أندري راجولينا نفسه قد وصل إلى السلطة لأول مرة في عام 2009 بعد انقلاب دعمته القوات المسلحة، قبل أن يفوز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2018. وتواجه البلاد تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة، بما في ذلك الفقر والجفاف في مناطقها الجنوبية، وهي عوامل تساهم في تأجيج التوترات السياسية.
تكمن أهمية هذا الحدث في أنه كشف عن مدى هشاشة الوضع الأمني والسياسي في الجزيرة. كما سلط الضوء على الانقسامات العميقة داخل النخبة السياسية والعسكرية. وقد اعتبر نجاح السلطات في إحباط المؤامرة ومحاكمة المتورطين بمثابة رسالة قوية من حكومة راجولينا بأنها تسيطر على زمام الأمور ومستعدة لمواجهة أي تهديد لسلطتها بقوة القانون، وهو ما سعى الرئيس إلى تأكيده في خطابه الذي دعا فيه إلى احترام الدستور والمؤسسات الشرعية للدولة.





