رئيس مدغشقر يكشف عن مؤامرة للاستيلاء على السلطة وسط احتجاجات
في خضم أزمة سياسية متصاعدة، أعلن رئيس السلطة الانتقالية في مدغشقر، أندري راجولينا، في أواخر مايو 2010، عن إحباط محاولة وصفها بأنها كانت تهدف إلى "انتزاع السلطة بشكل غير قانوني وبالقوة". جاء هذا الإعلان في وقت كانت فيه العاصمة أنتاناناريفو تشهد توترات شديدة، إثر انضمام مجموعة من الجنود إلى آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة، مما سلط الضوء على الانقسامات العميقة التي تعصف بالبلاد منذ استيلاء راجولينا على السلطة في العام السابق.

خلفية الأزمة السياسية
لفهم سياق هذه الأحداث، لا بد من العودة إلى مارس 2009، عندما وصل أندري راجولينا، الذي كان عمدة العاصمة آنذاك، إلى سدة الحكم بدعم من الجيش، في خطوة وصفت على نطاق واسع بأنها انقلاب أطاح بالرئيس المنتخب مارك رافالومانانا. أدى هذا التغيير غير الدستوري للسلطة إلى عزلة مدغشقر على الساحة الدولية، حيث علق الاتحاد الأفريقي والعديد من الشركاء الدوليين عضويتها وفرضوا عقوبات اقتصادية، مما فاقم من معاناة السكان. كانت حكومة راجولينا الانتقالية تواجه ضغوطاً هائلة لإعادة المسار الديمقراطي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، لكن المفاوضات التي قادتها وساطات إقليمية ودولية ظلت متعثرة، مما أطال أمد الأزمة وأجج السخط الشعبي.
تفاصيل المحاولة المزعومة
تصاعدت التوترات بشكل ملحوظ قبل إعلان الرئيس، حيث تجمّع آلاف المحتجين في أنتاناناريفو، مطالبين بتنحي راجولينا. وفي تطور لافت، انضمت مجموعة صغيرة من ضباط وجنود الجيش إلى صفوف المتظاهرين، معلنين تمردهم على القيادة العسكرية. ورغم أن عددهم لم يكن كبيراً، إلا أن هذه الخطوة أثارت مخاوف من حدوث انقسام داخل المؤسسة العسكرية، التي كانت دعامة أساسية لنظام راجولينا. استغل الرئيس هذا الحدث ليصرح بوجود مؤامرة منظمة تهدف إلى إثارة الفوضى والاستيلاء على الحكم بالقوة، مؤكداً أن قوات الأمن الموالية له تسيطر على الوضع تماماً.
التطورات وردود الفعل
في أعقاب الإعلان، عززت السلطات من وجودها الأمني في العاصمة، بينما ظلت القوات الموالية لراجولينا في حالة تأهب قصوى. لم تتطور حركة التمرد المحدودة إلى تحدٍ أوسع نطاقاً، وسرعان ما تمت السيطرة على الموقف دون مواجهات عنيفة واسعة. على الصعيد الداخلي، استمرت المعارضة في التنديد بما اعتبرته حكماً غير شرعي، ودعت إلى تطبيق اتفاقات تقاسم السلطة التي تم التوصل إليها سابقاً بوساطة دولية. أما دولياً، فقد جددت القوى الإقليمية والمجتمع الدولي دعواتهم لجميع الأطراف في مدغشقر بضبط النفس والعودة إلى الحوار كوسيلة وحيدة لحل الأزمة السياسية العميقة وتجنيب البلاد الانزلاق نحو مزيد من العنف وعدم الاستقرار.
الأهمية والتداعيات
عكست هذه الحادثة حالة الهشاشة الشديدة التي كانت تعيشها مدغشقر في تلك الفترة. فقد أظهرت أن قبضة أندري راجولينا على السلطة لم تكن مطلقة، وأن هناك جيوب مقاومة داخل الجيش والمجتمع على حد سواء. كما أبرزت فشل الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول من جميع الأطراف. كانت هذه المحاولة، سواء كانت حقيقية أم مجرد ذريعة استخدمتها الحكومة لتعزيز قبضتها، مؤشراً واضحاً على أن الطريق نحو استعادة الاستقرار الدستوري في مدغشقر لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات، وأن البلاد معرضة باستمرار لخطر الانفجارات السياسية في ظل غياب التوافق الوطني والشرعية الدستورية.





