رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات: شراكة استراتيجية لردم الفجوة المهارية وتأهيل الكفاءات للمنافسة عالميًا
في خطوة محورية تهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية للكوادر المصرية في سوق العمل الرقمي، أعلنت الدكتورة هبة صالح، رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI)، عن إطلاق شراكة استراتيجية واسعة النطاق. تجمع هذه الشراكة بين المعهد والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) مصر، بالإضافة إلى عدد من شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة. تُعَد هذه المبادرة بمثابة استجابة استباقية للتحديات التي تفرضها التطورات التكنولوجية المتسارعة على متطلبات المهارات في العصر الحالي، وتهدف إلى بناء جيل من المتخصصين الرقميين المؤهلين ليس فقط لسد احتياجات السوق المحلي، بل للمنافسة بفعالية على الساحة العالمية.

خلفية وأهمية الشراكة
تأتي هذه الشراكة في ظل تحولات جذرية يشهدها العالم، حيث أصبحت المهارات الرقمية المتخصصة هي المحرك الأساسي للاقتصادات الحديثة. فمع النمو المتزايد لقطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، تحليل البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، يزداد الطلب على الكفاءات المتخصصة بشكل مطرد. في الوقت نفسه، تواجه العديد من الدول، بما فيها مصر، تحديًا في توفير أعداد كافية من الخريجين والمهنيين الذين يمتلكون هذه المهارات الدقيقة، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ "الفجوة المهارية". تسعى مصر، ضمن رؤيتها التنموية الطموحة، إلى أن تكون مركزًا إقليميًا للابتكار والتكنولوجيا، وهو ما يتطلب استثمارًا مكثفًا في تنمية رأس المال البشري.
لطالما كان معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) في طليعة المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تساهم في بناء القدرات الرقمية في مصر منذ تأسيسه. يتميز المعهد ببرامجه المتطورة التي تتواءم مع أحدث التوجهات التكنولوجية. من جانبها، تُعرف الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) بخبرتها الواسعة في مجال التنمية المستدامة وبناء القدرات المهنية حول العالم، وتقدم دعمًا تقنيًا ومعرفيًا قيمًا للمشاريع التنموية في مصر، مع التركيز بشكل خاص على التعليم الفني والمهني وسد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
تفاصيل ومكونات الشراكة الاستراتيجية
تهدف الشراكة المعلنة إلى تصميم وتنفيذ مجموعة متكاملة من البرامج التدريبية المتقدمة والورش العمل المكثفة التي تركز على أحدث التقنيات وأكثرها طلبًا في السوق. تتضمن هذه البرامج:
- الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: تدريب متخصص على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
- الأمن السيبراني: برامج لتأهيل خبراء في حماية الأنظمة والشبكات والبيانات من التهديدات الرقمية.
- تطوير البرمجيات والحوسبة السحابية: مسارات متكاملة لتطوير تطبيقات الويب والجوال وإدارة البنى التحتية السحابية.
- علم البيانات وتحليل الأعمال: تأهيل متخصصين في استخلاص القيمة من البيانات الضخمة لدعم اتخاذ القرار.
- الأنظمة المدمجة وإنترنت الأشياء: برامج تركز على تصميم وتطوير الأجهزة الذكية والأنظمة المتصلة.
سيتم تطوير المناهج الدراسية لهذه البرامج بالتعاون الوثيق مع شركات التكنولوجيا العالمية الشريكة، لضمان أن يكون المحتوى التدريبي محدثًا ويعكس الاحتياجات الفعلية للصناعة. هذا التعاون سيضمن أيضًا توفير أحدث الأدوات والتقنيات للمتدربين، وربما فرصًا للتدريب العملي في بيئات العمل الحقيقية لتلك الشركات.
ستشمل منهجية التدريب مزيجًا من التعلم النظري والتطبيق العملي المكثف، مع التركيز على المشاريع الواقعية، والتوجيه الفردي من قبل خبراء الصناعة. تستهدف الشراكة في المقام الأول الخريجين الجدد في التخصصات ذات الصلة بالتكنولوجيا، بالإضافة إلى المهنيين الشباب الذين يسعون إلى إعادة تأهيل مهاراتهم (Reskilling) أو تطويرها (Upskilling) لمواكبة التغيرات السريعة في المجال.
التأثير المتوقع والآفاق المستقبلية
من المتوقع أن تُحدث هذه الشراكة تأثيرًا إيجابيًا وملموسًا على عدة مستويات:
- سد الفجوة المهارية: ستساهم البرامج التدريبية في تخريج أعداد كبيرة من الكفاءات المؤهلة التي يمكنها الانضمام مباشرة إلى سوق العمل، مما يقلل من الفجوة بين متطلبات الصناعة ومخرجات التعليم.
- تعزيز التنافسية العالمية: بتزويد الشباب المصري بمهارات رقمية عالمية المستوى، سيعزز ذلك من قدرتهم على المنافسة ليس فقط في السوق المحلي ولكن أيضًا في الأسواق الإقليمية والدولية.
- دعم الاقتصاد الرقمي: ستسهم الكفاءات المدربة في دفع عجلة الابتكار وريادة الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة، مما يدعم نمو الاقتصاد الرقمي المصري ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا.
- استدامة التنمية: تمثل هذه الشراكة نموذجًا للتعاون الفعال بين الحكومة (ممثلة في ITI)، والشركاء الدوليين (GIZ)، والقطاع الخاص (شركات التكنولوجيا)، مما يضمن استدامة جهود تنمية المهارات وتكيفها مع المستقبل.
وشددت الدكتورة هبة صالح على أن هذه الشراكة تؤكد رؤية المعهد بضرورة التعاون المتكامل بين الأوساط الأكاديمية، والجهات الحكومية، والقطاع الخاص لخلق بيئة تعليمية وتدريبية ديناميكية تستجيب بمرونة لمتطلبات المستقبل. وقد تم الإعلان عن هذه المبادرة مؤخرًا، لتبدأ فعاليتها في الفترة القادمة، مع خطط طموحة للتوسع وتغطية المزيد من التخصصات والشرائح المستهدفة. وأكدت أن النجاح في تأهيل الكفاءات الرقمية هو مفتاح لمستقبل مصر الرقمي ومركزها التنافسي على الخريطة العالمية للتكنولوجيا.





