رئيسة وزراء إيطاليا ووزيران يواجهون دعوى أمام الجنائية الدولية بشأن حرب غزة
تواجه الحكومة الإيطالية تحدياً قانونياً على الساحة الدولية، حيث تم تقديم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، ووزير الخارجية أنطونيو تاياني، ووزير الدفاع غيدو كروسيتو. وتتهمهم الشكوى بالتواطؤ في جرائم حرب وإبادة جماعية محتملة على خلفية العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي أعقبت هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. وقد كشفت رئيسة الوزراء ميلوني بنفسها عن وجود هذه الدعوى خلال مؤتمرها الصحفي لنهاية العام، معربة عن هدوئها وثقتها في موقف حكومتها.
تفاصيل الدعوى والاتهامات
تستند الشكوى، التي قدمتها مجموعة من النشطاء الحقوقيين والأكاديميين، إلى أن الدعم السياسي والعسكري الذي قدمته إيطاليا لإسرائيل يجعل مسؤوليها شركاء في العواقب الإنسانية المدمرة للحرب في غزة. يرى مقدمو البلاغ أن المواقف الدبلوماسية وتوريد الأسلحة المحتمل يشكلان أساساً للمساءلة الجنائية الفردية بموجب نظام روما الأساسي، وهو المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية.
تتمحور الاتهامات حول عدة نقاط رئيسية:
- الدعم السياسي والدبلوماسي: يُنظر إلى تصريحات المسؤولين الإيطاليين ومواقفهم في المحافل الدولية على أنها توفر غطاءً سياسياً لإسرائيل، مما قد يساهم في استمرار عملياتها العسكرية دون ضغط دولي كافٍ.
 - الدعم العسكري: على الرغم من تأكيد الحكومة الإيطالية أنها أوقفت منح تراخيص جديدة لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل بعد بدء النزاع، فإن الشكوى قد تشير إلى استمرار تنفيذ عقود سابقة أو تقديم أشكال أخرى من الدعم اللوجستي أو العسكري.
 - التقاعس عن منع الجرائم: تتضمن الاتهامات أيضاً فشل المسؤولين في استخدام نفوذهم الدبلوماسي للضغط من أجل وقف إطلاق النار ومنع وقوع جرائم حرب، وهو التزام يقع على عاتق الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف.
 
السياق وموقف إيطاليا الرسمي
تأتي هذه الدعوى في سياق حراك قانوني دولي أوسع نطاقاً يسعى إلى محاسبة إسرائيل وحلفائها على سلوكهم في الحرب. وتعد هذه الجهود موازية لقضية أخرى بارزة رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتناول مسؤولية الدولة عن انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية. ومن المهم التمييز بين المحكمتين، حيث تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول، بينما تركز المحكمة الجنائية الدولية على المسؤولية الجنائية للأفراد.
وقد حاولت الحكومة الإيطالية تبني موقف متوازن، حيث أكدت على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجمات حماس، وفي الوقت نفسه دعت إلى حماية المدنيين الفلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. وأكد وزير الدفاع كروسيتو في عدة مناسبات أن إيطاليا تلتزم بالقانون الدولي وتوقفت عن تزويد إسرائيل بالأسلحة التي يمكن استخدامها في عمليات هجومية منذ اندلاع الحرب.
ردود الفعل والخطوات التالية
كان رد فعل رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني على الدعوى هادئاً، حيث صرحت بأنها تشعر بالفخر بموقف حكومتها الذي وصفته بالمتوازن والإنساني. وأكدت أن إيطاليا كانت من أوائل الدول التي قدمت مساعدات كبيرة للفلسطينيين. من جانبهم، دافع الوزيران تاياني وكروسيتو عن سياسات حكومتهم، مشددين على التزام إيطاليا بالسلام والاستقرار في المنطقة.
بعد تقديم الشكوى، تقع على عاتق مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مهمة إجراء فحص أولي. خلال هذه المرحلة، سيقوم المدعي العام بتقييم الأدلة والمعلومات المتاحة لتحديد ما إذا كانت هناك أسس معقولة لفتح تحقيق رسمي. وهذه العملية قد تستغرق وقتاً طويلاً، ونتائجها غير مؤكدة، حيث تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تحديد القضايا التي تفتح فيها تحقيقات.
الأهمية والتداعيات المحتملة
بغض النظر عن مسارها القانوني، تحمل هذه الدعوى دلالات سياسية مهمة. فهي تعكس الانقسام العميق داخل المجتمعات الأوروبية بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتزيد من الضغط العام والدبلوماسي على الحكومات الداعمة لإسرائيل. كما أنها تمثل أداة في يد منظمات المجتمع المدني لتعزيز مبدأ المساءلة عن الجرائم الدولية الجسيمة، وتؤكد على الأهمية المتزايدة للقانون الدولي كوسيلة لتحدي القرارات السياسية للدول على الساحة العالمية.





