رحيل الدكتور عبد الغفار شديد: نقابة التشكيليين تنعى قامة في تاريخ الفن ومؤسس قسمه
تلقى الوسط الثقافي والأكاديمي المصري، صباح الاثنين، ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الدكتور عبد الغفار شديد، الفنان التشكيلي والأثري الكبير ورائد تاريخ الفن في مصر، عن عمر ناهز 87 عامًا. وقد نعت نقابة الفنانين التشكيليين الفقيد، مؤكدة على مكانته البارزة وإسهاماته الجليلة في إثراء الحركة الفنية والأكاديمية.
مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات
يُعد الدكتور عبد الغفار شديد من الشخصيات المحورية التي تركت بصمة واضحة ومستدامة في المشهد الثقافي والأكاديمي المصري. لم يقتصر دوره على كونه فنانًا تشكيليًا مبدعًا، بل امتد ليشمل مجالات علم المصريات وتاريخ الفن. كان الفقيد أستاذًا لعلم المصريات، وهو ما أتاح له ربط الفن بالعمق التاريخي والحضاري لمصر القديمة، مقدمًا رؤى فريدة لطلابه وزملائه الباحثين.
من أبرز إنجازاته التي تُذكر له بالفضل، تأسيس قسم تاريخ الفن بكلية الفنون الجميلة. هذا الإنجاز يعكس رؤيته الثاقبة لأهمية دراسة السياق التاريخي للفنون وتأثيره على التطور الفني والإبداعي. لقد أصبح هذا القسم، تحت إشرافه، منارة للباحثين والطلاب الراغبين في التعمق في فهم الفنون عبر العصور، وتحديدًا الفن المصري القديم والإسلامي والمعاصر، مما ساهم في تخريج أجيال متخصصة في هذا المجال.
إرث يربط الفن بالعلم والتاريخ
خلال مسيرته المهنية، أسهم الدكتور شديد في بناء جسور معرفية قوية بين الفنون البصرية والعلوم الأثرية. فقد جمع بين الحس الفني الدقيق والمنهج العلمي الرصين، مما أثرى فهمنا لتاريخ الفن المصري والعالمي. كان له دور بارز في إثراء المكتبة العربية بالدراسات المتخصصة في تاريخ الفن وعلم المصريات، مما جعله مرجعًا أساسيًا للعديد من الأكاديميين والفنانين على حد سواء.
كما أشرف على عشرات الرسائل العلمية، وساهم في تخريج أجيال من المتخصصين الذين واصلوا مسيرته في البحث والتدريس، مما يؤكد على تأثيره الممتد والمتجذر. كانت رؤيته الشاملة للفن كجزء لا يتجزأ من الحضارة والثقافة، حجر الزاوية في منهجه التدريسي والبحثي، داعيًا دائمًا إلى مقاربة الفن بمنظور متعدد التخصصات.
أهمية رحيله وتأثيره على الساحة الثقافية
تمثل وفاة الدكتور عبد الغفار شديد خسارة فادحة للساحة الثقافية والأكاديمية المصرية والعربية. فبالإضافة إلى مكانته كعالم وباحث، كان شخصية ملهمة وموجهة للعديد من الأجيال، ترك بصماته على المشهد الفني والأكاديمي لأكثر من نصف قرن. إن رحيل قامة بهذا الحجم يترك فراغًا كبيرًا في تخصصات بالغة الأهمية مثل تاريخ الفن وعلم المصريات، حيث كان يمتلك معرفة عميقة وشاملة يصعب تعويضها.
لقد كان صوته مؤثرًا في الحفاظ على الهوية الفنية والثقافية المصرية، وداعيًا دائمًا لتقدير الإرث الحضاري لمصر وتوثيقه ودراسته بمنهجية علمية وفنية متكاملة. ستبقى إسهاماته خالدة في ذاكرة الأوساط الأكاديمية والفنية، وستظل أعماله بمثابة مرجع للأجيال القادمة.





