رونالدو والنصر: مسيرة من الأرقام القياسية وغياب للألقاب الكبرى
منذ انضمامه إلى نادي النصر السعودي في صفقة تاريخية مطلع عام 2023، يعيش النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو مفارقة واضحة؛ فبينما يواصل تحطيم الأرقام القياسية على المستوى الفردي، لا تزال خزائن النادي تفتقر إلى الألقاب المحلية والقارية الكبرى. وعلى مدار موسم ونصف، تحولت مسيرة رونالدو في الرياض إلى قصة من التألق الشخصي الذي لم يُترجم بعد إلى نجاح جماعي ملموس، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الفريق وقدرته على المنافسة على أعلى المستويات.

خلفية الانتقال وتوقعات كبيرة
وصل كريستيانو رونالدو إلى الدوري السعودي للمحترفين وسط ضجة إعلامية عالمية، حيث اعتبرت خطوة انتقاله نقطة تحول في تاريخ المسابقة. جاء التعاقد مع أحد أبرز لاعبي كرة القدم في التاريخ بهدف واضح: قيادة نادي النصر لاستعادة أمجاده المحلية والذهاب بعيدًا في المنافسات القارية، بالإضافة إلى رفع الصورة العالمية للدوري السعودي. كانت التوقعات مرتفعة بأن وجوده سيضمن للنادي حصد البطولات وإنهاء هيمنة المنافسين التقليديين.
الأداء الفردي: أرقام قياسية وأهداف حاسمة
على الصعيد الشخصي، لم يخيب رونالدو الآمال. فقد أثبت قدرته التهديفية الاستثنائية، متوجًا نفسه هدافًا للدوري السعودي لموسم 2023-2024 برصيد 35 هدفًا، وهو رقم قياسي جديد لأكبر عدد من الأهداف في موسم واحد. كما قاد فريقه للفوز بلقب كأس الملك سلمان للأندية الأبطال (البطولة العربية) في صيف 2023، مسجلاً هدفين حاسمين في المباراة النهائية. هذه الإنجازات الفردية أكدت أن اللاعب لا يزال يمتلك الكثير ليقدمه في الملاعب.
الإخفاقات الجماعية: سلسلة من الفرص الضائعة
على النقيض من نجاحه الفردي، كانت النتائج الجماعية للفريق مخيبة للآمال في البطولات الكبرى. فمنذ وصول رونالدو، فشل النصر في التتويج بأي من الألقاب المحلية أو القارية الرئيسية. يمكن تلخيص إخفاقات الفريق في النقاط التالية:
- موسم 2022-2023: بعد انضمامه في منتصف الموسم، أنهى النصر الدوري في المركز الثاني خلف الاتحاد. كما أُقصي الفريق من نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين ونصف نهائي كأس السوبر السعودي.
 - موسم 2023-2024: رغم البداية القوية والأداء الفردي المميز لرونالدو، تكرر السيناريو مرة أخرى. حلّ النصر وصيفًا في دوري روشن السعودي بفارق كبير عن البطل، نادي الهلال، الذي قدم موسمًا تاريخيًا. وعلى صعيد الكؤوس، خسر الفريق نهائي كأس الملك أمام الهلال بركلات الترجيح في مباراة دراماتيكية، وودع دوري أبطال آسيا من الدور ربع النهائي، كما خرج من نصف نهائي كأس السوبر.
 
تحليل الأسباب والسياق العام
يعزو المحللون غياب الألقاب الكبرى عن النصر إلى عدة عوامل تتجاوز أداء رونالدو. أحد الأسباب الرئيسية هو القوة الاستثنائية للمنافسين، وعلى رأسهم الهلال الذي استثمر بشكل كبير وشكل فريقًا متكاملًا حقق سلسلة انتصارات عالمية. بالإضافة إلى ذلك، عانى النصر من بعض المشاكل الدفاعية وعدم الاستقرار الفني في بعض فترات الموسم، وهي عوامل أثرت على قدرة الفريق على حسم المباريات الهامة. ورغم ذلك، لا يمكن إنكار أن وجود رونالدو قد رفع بشكل هائل من قيمة ومتابعة الدوري السعودي عالميًا، وهو ما يُعد نجاحًا استراتيجيًا للمشروع الرياضي في المملكة.
في المجمل، تمثل تجربة رونالدو مع النصر حتى الآن قصة ذات وجهين: من ناحية، نجم عالمي يواصل إثبات قيمته التهديفية، ومن ناحية أخرى، فريق كبير يطمح إلى تحقيق بطولات كبرى لا تزال بعيدة المنال. ومع استمرار الاستعدادات للموسم الجديد، يظل الضغط قائمًا على رونالدو وزملائه لترجمة التألق الفردي إلى إنجازات جماعية تليق بحجم التوقعات.




