ساويرس يعلق على اقتراح 'لم شمل السودان ومصر' كحل للأزمة ويستذكر وحدة البلدين سابقاً
في أواخر أكتوبر 2023، أثار رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي بتعليقه على اقتراح قدمه أحد متابعيه، يدور حول فكرة لم شمل السودان ومصر كحل جذري للأزمة الراهنة في السودان. جاء رد ساويرس ليلامس جوانب تاريخية وعاطفية عميقة، حيث قال: «كنا بلد واحد الله يجازي اللي كان السبب».

خلفية الاقتراح ورد ساويرس
تلقى ساويرس، المعروف بتفاعله المستمر مع القضايا الإقليمية والآراء المختلفة، اقتراحاً من متابع يقضي بعودة السودان إلى مصر، مستذكراً حقبة ما قبل انفصال السودان. هذا الاقتراح، الذي وصفه مقدمه بأنه «جذري» لمعالجة المشكلات المتفاقمة في السودان، استدعى من ساويرس استجابة لم تكن تأييداً مباشراً للآلية، بل تعبيراً عن حنين لوحدة تاريخية وتأسف على ما آل إليه الوضع. جملته الشهيرة «كنا بلد واحد» تشير بوضوح إلى فترة التاريخ المشترك بين البلدين، بينما دعاؤه «الله يجازي اللي كان السبب» يعكس مرارة تجاه الأحداث التي أدت إلى الانفصال والتحديات الحالية.
سياق الأزمة السودانية الراهنة
يأتي هذا النقاش في ظل أزمة إنسانية وسياسية غير مسبوقة يشهدها السودان منذ اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023. وقد تسبب الصراع في كارثة إنسانية واسعة النطاق، تمثلت في:
- نزوح الملايين داخل البلاد وإلى الدول المجاورة.
- انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية والبنية التحتية.
- تدهور اقتصادي حاد.
- فراغ سياسي وصعوبة في التوصل إلى حلول سلمية مستدامة.
هذا الوضع دفع بالكثيرين، داخل وخارج السودان، للبحث عن حلول غير تقليدية لوقف النزيف وإعادة الاستقرار، حتى وإن كانت تبدو بعيدة عن الواقع السياسي الراهن.
العلاقات المصرية السودانية في التاريخ
يمتلك كل من مصر والسودان تاريخاً طويلاً من الروابط الجغرافية، الثقافية، والسياسية. فقد كان السودان جزءاً من الحكم المصري في فترات تاريخية متعددة، وآخرها كان تحت الإدارة الثنائية المصرية البريطانية حتى حصوله على الاستقلال عام 1956. هذه الفترة تركت إرثاً عميقاً من العلاقات المشتركة والتداخل الثقافي والشعبي، وتجسد مقولة ساويرس «كنا بلد واحد» هذا العمق التاريخي. لطالما كانت مصر تعتبر أمن السودان جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، خاصة فيما يتعلق بقضايا مياه النيل والحدود المشتركة.
تحليل مقترح «لم الشمل» وتداعياته
على الرغم من أن فكرة «عودة السودان إلى مصر» قد تبدو رومانسية للبعض وتعبّر عن حنين لوحدة الماضي، إلا أنها تثير العديد من التساؤلات والتحديات من منظور سياسي وقانوني معاصر:
- السيادة الوطنية: السودان دولة ذات سيادة معترف بها دولياً في الأمم المتحدة، وأي تغيير في وضعها يتطلب إرادة شعبية وحكومية توافق عليها الأطراف السودانية.
- الموقف الدولي والإقليمي: من غير المرجح أن يحظى اقتراح كهذا بقبول واسع من المجتمع الدولي أو الدول الإقليمية، التي عادة ما تحرص على احترام سيادة الدول القائمة.
- تعقيدات داخلية: السودان يمر بحالة انقسام عميق، وإضافة بُعد جديد بهذا الحجم إلى المشهد السياسي قد يزيد من التعقيدات بدلاً من حلها.
رد ساويرس، على الرغم من أنه لم يقدم دعماً صريحاً لتطبيق المقترح، إلا أنه سلط الضوء على اليأس من الأزمة الحالية والرغبة في استعادة الاستقرار بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر استذكار نموذج تاريخي من الوحدة. كما يعكس التعليق مدى انشغال الرأي العام المصري، وشخصيات مؤثرة كساويرس، بمستقبل السودان.
الجدل العام والتأثير
أثار تعليق ساويرس جدلاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد لفكرة استذكار الوحدة التاريخية والمعاني التي تحملها، وبين من اعتبر الاقتراح غير واقعي ولا يراعي التطورات السياسية الحديثة وحق السودان في تقرير مصيره. ويبرز هذا النقاش عمق العلاقة بين البلدين وأهمية السودان لمصر والعكس، ليس فقط على المستوى السياسي والاقتصادي، بل كذلك على المستوى الثقافي والتاريخي والشعبي.
في الختام، بينما يبقى اقتراح «لم شمل السودان ومصر» فكرة بعيدة عن التحقيق في السياق السياسي الحالي، فإن تعليق نجيب ساويرس عليه يكشف عن طبقات عميقة من الحنين للماضي، والشعور بالأسف على الوضع الراهن في السودان، ويؤكد على الروابط التاريخية التي لا تزال تجمع الشعبين المصري والسوداني، وتدفعهما إلى التفكير في سبل الخروج من الأزمات بشتى الطرق.





