سد إثيوبي جديد يثير القلق: ما هو مشروع كويشا وتأثيره المحتمل على مصر؟
تواصل إثيوبيا خططها الطموحة في مجال الطاقة الكهرومائية، حيث برز مشروع سد كويشا كأحد أكبر مشاريعها بعد سد النهضة، مما أثار تساؤلات حول تداعياته المحتملة على دول المصب، وخاصة مصر. ورغم أن هذا المشروع لا يقع ضمن حوض النيل، إلا أنه يعكس استراتيجية أوسع لأديس أبابا قد تكون لها انعكاسات إقليمية مهمة.

خلفية عن مشروع سد كويشا
سد كويشا، المعروف أيضاً باسم "جيبا 4"، هو مشروع ضخم يقع على نهر أومو في جنوب غرب إثيوبيا. يهدف السد بشكل أساسي إلى توليد الكهرباء، وهو جزء من سلسلة سدود تم إنشاؤها على نفس النهر لتعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة في البلاد.
- الموقع الجغرافي: يقع السد على نهر أومو، وهو نهر داخلي لا يصب في حوض النيل، بل يتدفق جنوباً لينتهي في بحيرة توركانا المشتركة بين إثيوبيا وكينيا.
- القدرة الإنتاجية: تم تصميم السد لتوليد ما يقارب 2200 ميجاوات من الكهرباء، مما يجعله ثاني أكبر سد كهرومائي في إثيوبيا بعد سد النهضة.
- الهدف الاستراتيجي: يندرج المشروع ضمن رؤية إثيوبيا لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، وتصدير الفائض من الكهرباء إلى الدول المجاورة.
هل يؤثر السد بشكل مباشر على حصة مصر المائية؟
الإجابة المباشرة هي لا. على عكس سد النهضة المقام على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، فإن سد كويشا يقع على حوض نهري منفصل تماماً. وبما أن نهر أومو لا يصب في نهر النيل، فإن بناء السد وتشغيله ليس لهما أي تأثير مباشر على كمية المياه التي تصل إلى مصر والسودان. هذا التمييز الجغرافي أساسي لفهم طبيعة تأثير المشروع، حيث إن المخاوف المائية المباشرة التي صاحبت أزمة سد النهضة لا تنطبق على هذا المشروع.
التأثيرات غير المباشرة والسياق الإقليمي
على الرغم من غياب التأثير المائي المباشر، يكتسب مشروع سد كويشا أهميته من عدة جوانب غير مباشرة وسياقات إقليمية أوسع:
أولاً، يعزز المشروع من مكانة إثيوبيا كقوة مهيمنة في مجال إدارة الموارد المائية ومشاريع الطاقة في منطقة القرن الأفريقي. فاستمرارها في بناء السدود الضخمة يرسخ سياستها القائمة على استغلال أنهارها لتلبية احتياجاتها التنموية، وهو نهج تراقبه دول الجوار، بما فيها مصر، عن كثب.
ثانياً، يثير المشروع مخاوف بيئية واجتماعية كبيرة في حوض نهر أومو وبحيرة توركانا. فقد حذرت منظمات بيئية من أن تغيير نظام تدفق النهر قد يؤثر سلباً على النظم البيئية الهشة في المنطقة وعلى سبل عيش المجتمعات المحلية التي تعتمد على النهر والبحيرة في الصيد والزراعة.
أخيراً، وفي سياق التوترات المستمرة حول سد النهضة، يُنظر إلى أي مشروع مائي كبير في إثيوبيا على أنه جزء من استراتيجية شاملة قد تؤثر على موازين القوى الإقليمية. وعلى الرغم من أن سد كويشا لا يمثل تهديداً مائياً لمصر، إلا أنه يظل مؤشراً على استمرار إثيوبيا في تنفيذ مشاريعها الكبرى بشكل أحادي دون تنسيق إقليمي كافٍ، وهو ما يمثل جوهر الخلاف في ملف سد النهضة.
الوضع الحالي للمشروع
بدأ العمل في مشروع سد كويشا منذ عدة سنوات، وقد واجه بعض التحديات المتعلقة بالتمويل والجدول الزمني. تشير التقارير الصادرة خلال الأعوام الأخيرة إلى أن أعمال البناء مستمرة، حيث تسعى الحكومة الإثيوبية إلى استكماله لتعزيز شبكة الكهرباء الوطنية ودعم خططها التنموية الاقتصادية. يظل المشروع دليلاً واضحاً على أن طموحات إثيوبيا في مجال الطاقة تتجاوز حوض النيل، وتمتد لتشمل جميع مواردها المائية المتاحة.





